بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، إن هذا الدين هو سر بقاء هذه الأمة ووجودها، وهذه الأمة إنما خلقت للإسلام، ووجدت للإسلام، والذي يريد أن يقضي على الإسلام فليقض على هذه الأمة، وهل يستطيع أحد أن يقضي على هذه الأمة، هيهات ثم هيهات، فهذه الأمة موعودة بالبقاء، وليس بالبقاء فقط بل البقاء مع النصر والتمكين، ولا يزال الله عز وجل يخرج لهذه الأمة في كل مرحلة من تاريخها دعاة علماء وقادة ومجاهدين يستعملهم في خدمة هذا الدين.
ولن يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا وسيدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام وأهله، وذلا يذل الله به الكفر وأهله، وإن هذا الدين هو كلمة الله عز وجل، ولا إله إلا الله هي كلمة الإسلام، ومن ذا الذي يستطيع أن يطفئ نور هذه الكلمة؟ فإننا بحاجة إلى التذكير بالمبشرات الصادقة لندفع بها اليأس والإحباط عن نفوسنا ونجدد العزائم ونتلمس أسباب النصر والتمكين فمن رحمة الله بأمتنا أن جعل لها بعد العسر يسرا وبعد الشدة والضيق فرجا ومخرجا فقال تعالي " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا " ولن يغلب عسر يسرين وقال العلامة السعدي في تفسيره بشارة عظيمة إنه كلما وجد عسر وصعوبة فإن اليسر يقارنه ويصاحبه حتى ولو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه.
كما قال الله تعالى " سيجعل الله بعد عسرا يسرا " وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم " وإن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا" رواه أحمد، ومهما تلاحقت الخطوب وإشتدت المكاره وتفنن الأعداء في أساليب العداوة والبغضاء فلا يغب عن البال أن نصر الله قريب وأن كيد الشيطان ضعيف وأن الغلبة في النهاية للحق وأهله، وإن الشدة تخفي وراءها فرجا بإذن الله تعالي والمكروه يحمل الخير القادم بإذن الله عز وجل وإن الدلائل والبشائر من الكتاب والسنة ومن واقع الحضارات المادية المنهارة والآيلة للإنهيار ومن واقع الأمة الإسلامية التي باتت الصحوة الإسلامية تسري بين رجالها ونساءها ومثقفيها وعوامها ومن واقع الأعداء كذلك وتآزرهم لضرب الإسلام وخنق المسلمين، كل هذه وغيرها تقول بلسان الحال إن الإسلام قادم.
وإن الجولة القادمة للمسلمين إن شاء الله فعلى المسلمين أن يرجعوا إلى دينهم ويعدوا أنفسهم بما يستطيعون وليدركوا أن النصر في النهاية ليس بقوة المسلمين وجهدهم ولا بكثرة عددهم وعتادهم وإنما بقوة الله ودفعه، فالنصر من عند الله تعالي فلا يهنوا ويضعفوا وهم يرون ما بالأعداء من قوة فيد الله فوق أيديهم وأمره بين الكاف والنون " والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون " فعودة يا مسلمون إلى دينكم، وبينوا الصورة المشرقة للإسلام، فالإسلام الآن متهم في الغرب بالإرهاب والتطرف شئنا أم أبينا، فتحركوا لخدمة دين الله تعالى، وإن نصر هذه الأمة قد إنعقد غمامه وقد أقبلت أيامه فأحسنوا الظن بربكم واجمعوا مع الأمل حسن العمل وانصروا الله في أنفسكم ينجز لكم ما وعدكم من مصر على عدوكم.
واعلموا أن الشدائد التي تمر بها الأمة هي أمارات ميلاد جديد بإذن الله تعالي فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا، فلا تقولوا زرع الزارع والباغي حصد، أو تقولوا ذهب الأقصى وضاعت قدسنا منا وحيفانا ويافا وصفد، ولا تقولوا حارس الثغر رقد، فإن نصر الله آت، وعدو الله لن يلقى من الله سند، ولن ينال المعتدي ما يبتغي في القدس ما دام لنا فيها ولد، فإن الدين دين الله وإن الحرمات حرماته والله أغير على دينه وحرماته منا، وهو الذي أنزل الدين وأرسل الرسول وتكفل بإظهار دينه ونصر رسله.