بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله بما أسدى والشكر له ما تنسمت علي الخلائق جدواء، فأي آلاء الله أحق أن تُشكر؟ أجميل أظهره؟ أم قبيح ستره وما أبدى؟ ولم تزل آلاء ربك تتوالى، ما منّ ربك عطائه، وما أكدي وما أكدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إن المتأمل في حال الأمة اليوم، وما وصلت إليه من القهر والذل ربما أصابه اليأس مما وصلت إليه الأمة من الضعف والهوان وتساءل هل يمكن أن تقوم للمسلمين قائمة، ويعودوا إلى سابق عزهم ومكانتهم وقيادتهم للبشرية؟ بعد أن تكالب عليهم أعداؤهم من كل حدب وصوب؟ وهل يمكن أن تعود الأمة إلى عزها وتنفض غبار النوم عنها؟ وهل سيأتي نصر الله عز وجل بعد كل هذا الهوان؟
فإنها أسئلة مريرة تدل على حالة من اليأس والقنوط تعيشها الأمة من أقصاها إلى أقصاها، لذلك كان من الضروري تسليط الأضواء على هذه الحالة لطرد اليأس وإعادة الأمل إلى قلوب هذه الأمة المباركة المنصورة إلى قيام الساعة، فإنه بلا شك أن كل مسلم يتطلع دائما إلى نصر الله عز وجل لأوليائه المؤمنين، وكيف لا يتطلع وهو يقرأ قول الله تعالي " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " وكيف لا يتطلع وهو يقرأ قول الله للمؤمنين " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " فنصر الله لهذه الأمة نصر قريب، كما قال ربنا عز وجل " ألا إن نصر الله قريب " ولكن هل يخالجكم شك في قوة الله تعالي وقدرته على نصرة دينه وأوليائه ؟ وهل ترتابون في ضعف كيد الأعداء مهما بلغت قوتهم وكثرت جموعهم ؟ وهل يتردد مسلم في أن العاقبة للمتقين ؟
وأن الغلبة في نهاية المطاف للإسلام والمسلمين؟ تلك مسلمات لا تقبل الجدل وأدلتها من الكتاب والسنة قد لا تحصر وإن كان الله قد جعل لكل شيء قدرا، وجعل للنصر والتمكين شروطا لا بد توفرها وهي ليست ضربا من المستحيل ولا فوق طاقات البشر، ولكنها تحتاج إلى صدق وإخلاص وجهاد ونية، والمسلمون اليوم ممتحنون ليثبتوا صدق جهادهم لدينهم وولائهم لشرع ربهم والمؤمنين وبراءتهم الكفر والكافرين، ولا بد أن نعتقد أن الحق والعدل أساس في هذا الكون، وأصل في بناء السماوات والأرض، وأن الدنيا بدأت بالحق وستنتهي بالحق ويوم القيامة يتجلى الحق في أعلى وأجلّ صوره، ومن هذا الحق أن تعود لأمة الإسلام قيادتها للبشرية، ومن الحق أن يعود حكم الإسلام إلى الأرض كلها، ومن الحق والعدل أن تزول هذه الغشاوة.
وأن تنقشع هذه الغمة التي تحياها هذه الأمة، ولا يغرنكم إنتفاش ريش اليهود والنصارى على الدنيا بأسرها في هذه الفترة، فإن الله جل وعلا يقول " لا يغرنك الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد " فإن الكفر والباطل وإن تسلط فإن تسلطه محدود بقدر من الله، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر، لأن الله جعل لكل شيء نهاية، ولنفرض بأن الكفار إستطاعوا أن تكون لهم الغلبة مدة الحياة الدنيا كلها، ألسنا نحن المسلمين نعتقد ونؤمن بأن الله تعالي قد وعدنا بالآخرة؟ وبالحياة الأبدية الباقية في الجنة ؟ فما قيمة الحياة الدنيا من أولها إلى آخرها مقارنة بالآخرة؟ ألا ترضون أن يأخذوا هم الدنيا وتكون لنا الآخرة؟