وعي الحقوق والواجبات أساس المجتمع القوى جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

وعي الحقوق والواجبات أساس المجتمع القوى جريدة الراصد 24




بقلم : قيادى عمالي مستقل محمد عبدالمجيد هندي 


في كل مجتمع يبحث عن العدالة والاستقرار، يصبح وعي الناس بحقوقهم وواجباتهم الركيزة الأساسية لتحقيق هذا الهدف. حين يدرك الإنسان حقوقه، يعرف كيف يحميها ويدافع عنها، وحين يلتزم بواجباته، يساهم في بناء وطن متماسك لا مجال فيه للفوضى أو الظلم. الوعي هنا ليس مجرد معرفة عابرة، بل هو سلاح يرفع من شأن الأفراد والمجتمعات، ويحميها من أي استبداد أو قمع.


الثقافة والوعي ليستا رفاهية أو ترفًا فكريًا، بل هما ضرورة تفرضها الحياة لضمان كرامة الإنسان. فالإنسان الواعي يعرف قيمته ويعرف كيف يفرض احترامه على أي نظام أو سلطة. وفي المقابل، الجهل هو السلاح الذي تستخدمه القوى المستبدة لتغييب الشعوب وسلب حقوقها. الشعوب الجاهلة لا تقاوم الظلم لأنها لا تدرك حجم الانتهاكات التي تتعرض لها، أما الشعوب الواعية فهي التي تقف في وجه الظلم وتحاسب كل من يحاول التعدي على حقوقها.


إن بناء هذا الوعي يبدأ من التعليم الذي لا يقتصر على المناهج المدرسية، بل يمتد إلى كل أشكال التثقيف المجتمعي. التعليم الذي يعلم الناس حقوقهم وواجباتهم، ويحرضهم على التفكير والنقد، هو التعليم الذي يصنع شعوبًا قوية ومتماسكة. كما أن الإعلام الحر والمستقل يلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي، لأنه يكشف الحقائق ويعري الفساد ويمنح الأفراد فرصة لفهم الواقع من زواياه المختلفة.


المجتمع الواعي بحقوقه وواجباته لا يسمح لأي سلطة أن تتجاوز حدودها، ولا يمنح أي نظام فرصة لاستغلاله. حين يدرك كل مواطن دوره في الدفاع عن حقوقه وفي الوقت ذاته الالتزام بواجباته، يتحول المجتمع إلى درع متين يصعب اختراقه. وهذا لا يتحقق إلا عندما تصبح ثقافة الحقوق والواجبات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، لا مجرد شعارات تُرفع أو كلمات تُردد في المناسبات.


من المهم أن ندرك أن أداء الواجبات لا يقل أهمية عن المطالبة بالحقوق. المجتمع الذي يطالب فيه الجميع بحقوقهم دون أن يلتزموا بواجباتهم يتحول إلى بيئة فوضوية، حيث تختفي العدالة ويتراجع التماسك. العدالة الحقيقية هي أن يعرف الجميع أن الحقوق والواجبات وجهان لعملة واحدة، لا يمكن أن يتحقق أحدهما دون الآخر.


المجتمع الذي يريد الحرية والكرامة لا بد أن يبدأ من وعي أفراده. كل إنسان عليه أن يبحث عن المعرفة، أن يسأل ويتعلم ويفكر. الوعي لا يُمنح، بل يُكتسب من خلال الجهد والسعي لفهم الحقوق والواجبات. الشعوب الواعية تُرعب الأنظمة الفاسدة لأنها تعرف كيف تطالب بحقوقها وكيف تدافع عنها بحكمة وقوة.


حين تكون الثقافة والوعي أساس حياة الناس، يصبح من المستحيل على أي سلطة أن تستبد أو تظلم. شعب يعرف حقوقه ويحترم واجباته هو شعب لا يُقهر، شعب قادر على بناء وطن عادل ومستقر يحترم الجميع دون استثناء. لهذا، فإن الوعي ليس اختيارًا، بل ضرورة لا غنى عنها لحماية كرامتنا ومستقبلنا.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020