تجدر الإشارة إلى أن الله تعالى اقترنت حكمته بتوزيع الرزق على عباده، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ [الشورى: 27]، اي يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم وهو أعلم بذلك، فيغني من يستحق الغنى، ويفقر من يستحق الفقر.
ولو بسط الله الرزق لعباده، فوسعه وكثره عندهم لبغوا، فتجاوزوا الحد الذي حده الله لهم إلى غير الذي حده لهم في بلاده، بركوبهم في الأرض ما حظره عليهم، ولكنه ينزل رزقهم بقدرٍ لكفايتهم الذي يشاء منه، حيث بسط الرزق وتضييقه -كل واحد- يناسب بعض عباده دون بعض.
وفي كل حال من الأحوال، المسلم مأمور بالأخذ بالأسباب والسعي في طلب الرزق، فإن أصابه الغنى شكر، وإن أصابه الفقر صبر، وبقدر التسليم بالقضاء والقدر، وبذل الجهد في الأخذ بالأسباب، يتسابق الفقراء والأغنياء على السواء إلى عبادة الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب ونيل رضوان الله، وقد يسبق الغني إلى الجنة، وقد يسبق الفقير إلى الجنة، وقد يسبقان جميعًا، وفضل الله واسع.
فالإسلام يريد المسلمين أتقياء، سواء أكانوا أغنياء أو فقراء، فهو لا يطالب المسلم بالسعي للثراء، ولا يأمره بالفقر، وإنما يكلفه بطاعة الله في الحالين: الفقر والغنى.
فالإسلام ليس دين الفقراء أو دين الأغنياء، بل هو دين الجميع، ويسع الجميع، ويفاضل بين أتباعه بحسب الإيمان والعمل الصالح، فلا يجب تفضيل الفقر على الغنى أو العكس، حيث ان أفضلهما أتقاهما لله تعالى.
كما أن الغني إن انشغل بماله - كسبا أو إنفاقا- عن طاعة الله تعالى، فقد أضره ماله، وحطه عن مرتبة الفضل، وكان هذا من الإفراط المذموم، وكذلك الفقير إن فرط في قضية التكسب وتعامل معها على خلاف هدي الشريعة كان مذموما، كأن يتركه حتى يصبح عالة على الناس، أو حتى يضيع من يعول، وكأن يتصدق بماله كله، ويبقى هو، أو يذر ورثته عالة يتكففون الناس.
ولقد حثنا وأمرنا الإسلام بالسعي أن نكون أقوياء كما ذكر الحديث الشريف: "المؤمن القوي خير واحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير".
@الجميع
#فاطمة_عبد_العزيز