..... عندما كنا صغارا ..!!! جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

..... عندما كنا صغارا ..!!! جريده الراصد24

..... عندما كنا صغارا ..!!! جريده الراصد24

 ..


بقلم دكتور عصام كمال المصري


 عندما كنا صغارا .... كنا نتصنع – عن عمد - أننا نبكي , وغفلنا أن براءة الطفولة تفضح وجوهنا النضرة الرقيقة , فالبراءة آنذاك كانت المحطة التي لا تتوقف عندها الأماني الطيبة ، تستمدّ قوتها من عمق المشاعر المباركة التي احتوتها قلوب الطيبين , والآن صرنا نتصنع – عن عمدٍ أيضا - ابتسامة تبدو وكأنها مشرقة مع أنها تخفي ورائها حزين دفين يعلمه من ينظر في عيوننا المكحلة بالسواد . 


عندما كنا صغارا .... ما عرفنا الغل يوما , ما علمنا للغدر معني , ما حلمنا بالمناصب والتفاخر والتعالي , كان حلم الطفولة سهل قد تداويه ابتسامه , وعندما هرِمنا صرنا نفتش بين تلال الغدر عن النقاء , ونتمنى أن نري أصحاب المعالي والمناصب بالتواضع والوقار, نفتش في الزمن الماضي عن رحيق الأيام , وطعم البيوت العامرة بالود والعطاء , ننبش بلا كلل عن البركة ودفئ المشاعر , عن الاحترام للكبير ولو كان يكبرنا بأيام , عن المشاركة في الحزن والمسرات , ففي الحزن كنا لا نعرف من المكلوم , وفي الفرح كلنا سعداء ؛ لأن الوجوه كانت لا ترتدي قناع الزيف والغل والحسد . حتى اكتشفنا مع الأيام ونضج العمر أن من نحبّهم بشدّة يختارهم الغياب بدقّة وعناية . 


عندما كنا صغارا .... كنا نحب الجميع , ونرتاح مع الجميع , ونفرح مع الجميع , كنا نجري بأقصي سرعة ثم نفتح زراعنا ونتخيل أننا نطير , كنا في سماء هواؤها بلسم لصدورنا , ورحيقها أجمل ألف مرة من رزاز أغلي العطور صاحبة الماركات باهظة السمن , كنا لا ندري ما بين أيادينا من كنوز , أهمها وأثمنها كنز راحة البال وصفاء الضمير , كنا لا نخاف المستقبل , ولماذا نخاف وهناك أيادي كثيرة إن وقعنا كانت السند والملاذ ؟ وإن تعثرنا فهناك من يفسح لنا الطريق ويفرش لنا الأرض وردا كي نسير عليها وكأننا ملوك الأرض .


ولما كبرنا تعثرنا ولم نجد تلك الأيادي الحانية الرقيقة , لم نجد الملاذ والسند , لم نعد نري الحب الدافئ والصدر الرحيب . ولم نعد ملوكا متوجه وإنما صرنا عبيدا لمشاكل الحياة وهم لقمة العيش الصعبة , وعلينا أن نواجه الصعاب والتحديات فإما أن نكون أو لا نكون ... أصبحنا نبحث عن السعادة فلا نجدها إلا في رحيق الزمن الماضي الجميل . نغلق أعيننا ونسرح بخيالنا إلي مرحلة الطفولة النقية الصافية , ونلعن كارهين أننا كبرنا , وننكر أننا نضجنا لنتحسر علي ماضينا العريق فنقول ألا ليت الزمان يعود يوما بكل معانيه الرقيقة وطعمه الذي نشتاق إليه . عندما كنا صغارا ... كانَ نَبضُ القلب بِكرا لا يحوي هما ولا حقدا , ما حَوى إلا الأماني الوردية ما حوي همًّا وفِكرا , ... فسلام على من أبعدتهم الأيام وسلام على من افتقدناهم  منذ الطفولة حد الاشتياق وسلام على من مروا بنا فتركوا ذكرياتهم، وأشياءهم ورحلوا، فما أوصدوا وراءهم بابا ، ولا التفتوا ، ولا لوحوا لنا بالوداع فظل باب الذكريات منذ الطفولة مفتوحا على مصراعيه سلام علي الحب والود والأمان سلام علينا جمبعا عندما كنا صغارا .

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020