عمر ماهر يكتب "علمونا غلط لما قالونا نحترم إللي أكبر منا " جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

عمر ماهر يكتب "علمونا غلط لما قالونا نحترم إللي أكبر منا " جريدة الراصد 24




كان الشمس تتسلل من خلال نافذتي المفتوحة، مما يلقي بأشعتها الدافئة على وجهي المنهك. لقد كانت ليلة صعبة، فقد تأملت طويلاً في العبارات التي تحكم حياتنا وتوجهنا نحو الاحترام. "أحترم اللي أكبر منك"، هذا هو المثل القديم الذي تعلمناه منذ نعومة أظفارنا. لكن هل حقاً كانوا يعلموننا الصواب؟ هل كانوا يعلموننا كيف نتعامل مع الاستهانة والظلم؟


لقد نمت وأنا أسمع هذه العبارة تتردد في أذهاننا كالنصيحة المقدسة التي يجب أن نلتزم بها. ومع ذلك، تساءلت مرارًا وتكرارًا عن صحة هذا القول وما إذا كان يعكس الواقعية والعدالة التي نسعى إليها في حياتنا.


لقد تعلمت بألم تجاهل الاحترام الذاتي، وكيف أنه يمكن أن يؤدي إلى تدهور حالتنا النفسية والعاطفية. كان هناك لحظات عديدة في حياتي عندما تعرضت للاستهانة والاهانة من قبل أشخاص يفترض أنهم أكبر مني سناً أو مرموقين بطبيعتهم. لقد واجهت الشتائم والتجاهل والاستهزاء، وكلما قيل لي "بهزر معاك"، زادت الجروح عمقًا.


لم يكن من المنطقي أن أتدارك نفسي وأقول: "سامحتك" بكل بساطة، أو أن ألتزم الصمت وأتجاوز الألم الذي يسببه لي الشخص الذي يستهزئ بي. لماذا يجب أن أسامح شخصًا يشتم في وجهي ويهينني بلا رحمة؟ هل يعني أن الاحترام هو أن أقبل هذه السلوكيات السيئة دون أن أعبّر عن رأيي أو أن أدافع عن نفسي؟


في حين أن القيمة العظيمة للتسامح والمغفرة لا يمكن إنكارها، إلا أنه يجب أن نراجع النصيحة التي تم توجيهها إلينا. لو الشخص الكبير ارتكب أي شيء غير أخلاقي، هل يعني ذلك أنه يجب علينا أن نسامحه بلا تفكير؟ لا يجب أن يكون الاحترام مطلقًا وغير مشروط، بل يجب أننظر إلى الاحترام على أنه عمل يستحق التقدير والتوجيه. يجب أن نعلم أنفسنا وأطفالنا أن الاحترام لا يرتبط بالعمر أو الوضع الاجتماعي أو السلطة، بل يتعلق بالكرامة الإنسانية والقيم الأخلاقية.


لذا، فإننا يجب أن نتعلم كيف نواجه ونتصدى للتصرفات السلبية والاستهانة بطرق صحية وبناءة. يمكننا أن نتعلم كيف نعبر عن رأينا وندافع عن أنفسنا بطرق محترمة ومؤثرة. يجب أن نعلم أنفسنا أن الصمت ليس دائمًا الحلاّ الأمثل، وأن الاستماع للآخرين لا يعني أننا نقبل تصرفاتهم غير اللائقة. بالنسبة للأطفال، يجب أن نتعلمهم كيفية التعبير عن مشاعرهم والدفاع عن أنفسهم بطرق ملائمة لعمرهم.


الاحترام الحقيقي يتطلب التوازن بين احترام الآخرين واحترام أنفسنا. إذا كان شخص معين يفتقر إلى الاحترام تجاهنا ويتصرف بطرق غير لائقة، فإن الصحيح هو أن نستمر في المواجهة ونواجه هذا السلوك. يمكننا أن نعبر عن احترامنا للآخرين بمعاملتهم بلطف واحترام، ولكن ليس على حساب احترامنا الذاتي.


علينا أن نكون قادرين على تحطيم القيود المفروضة علينا وأن نتعلم أن الاحترام يكون متبادلًا. إنه ليس مجرد قضية للعمر أو السلطة، بل يتعلق بالقيم الأخلاقية والاحترام المتبادل للكرامة الإنسانية. لا يجب أن نسامح أولئك الذين لا يحترمونا ويهينونا، بل يجب أن نكون قادرين على التصدي لهذا السلوك والدفاع عن أنفسنا بكل قوة.


في النهاية، يجب أن نسعى لنموذج للتعايش المتبادل والاحترام الحقيقي بين الناس. يجب أن نعلم أنفسنا وأطفالنا أن الاحترام لا يعني أن نسكت عن الظلم والاستهانة، بل يعني أن نواجهها بشجاعة وأن ندافع عن القيم التي نؤمن بها........

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020