الدكروري يكتب عن الإبداع وتحقيق التقدم العلمي جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

الدكروري يكتب عن الإبداع وتحقيق التقدم العلمي جريدة الراصد 24



بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، إن جو الأمن والسلام تدريب للفرد والوصول به إلي الإبداع وتحقيق التقدم العلمي والعمراني، مما يجعله أمرا ضروريا لنماء المجتمعات وتطورها وازدهارها، بالإضافة إلى أن ما تنفقه الدول في حالات الحرب من أموال تنفقها في تسلحها العسكري.


أو في ترميم ما نتج عن حروبها من دمار وأضرار تستطيع أن تسخره في تطورها في كافات المجالات العلمية والاقتصادية والاجتماعية في حالة السلام، فإن اهتمت كل دولة في السير نحو السلام حُلت الأزمات العالمية الكبرى التي تعد سببا لهلاك الموارد والأفراد، وتبديد الطاقات البشرية، فعلينا كأفراد أن نحرص على تحقيق السلام ونشره لما له من أهمية على صعيد الأفراد والمجتمعات، حيث يكون ذلك باحترام اختلافاتنا المتعددة، وبالتسامح فيما بيننا، وبعدم التطرف والتعصب لقضية أو مذهب، وعدم اللجوء إلى العنف في حل مشكلاتنا وتجاوزها، فكلنا بنو آدم ويجب ألا يفسد لنا اختلاف الديانة أو الرأي أو العرق ودا، ولا يُحدث نزاعا قد يشوه إنسانيتنا، ويقترن تاريخ الحضارية البشرية منذ أقدم العصور باستقرار الأمن والسلام، فالسلام في مقدمة الحاجات الأساسية. 


التي لا سبيل إلى تقدم الفرد والمجتمع قبل إشباعها، ومن ثم فقد استقر في ضمير الإنسان هدفا أصيلا يسعى إلى بلوغه، وقيمة دينية واجتماعية، يضحي بالكثير من وقته وجهده وماله بل بنفسه أحيانا في سبيل تثبيتها، فلقد خُلق الإنسان اجتماعيا بالطبع، وأدركَت الجماعات البشرية منذ فجر التاريخ أن إقرار الأمن والسلام بينها هو الدعامة الأولى لتعاونها، في سبيل تحقيق مصالحها المشتركة، التي تكفل لها الاستمرار في البقاء، والسير في مضمار الرقي والنهوض ذلك أنها وعت بالتجربة أن الشقاق والتنازع من شأنهما أن يُضعفا الروابط بين بعضها وبعض، وقد يستفحلان حتى يقطعا هذه الروابط، فتشن إحداهما الحرب على الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى إلحاق أضرار بالغة بالمنتصر والمنهزم على السواء، فلا غرو أن كان السلام من أهم المبادئ التي دعت إليها الرسالات السماوية. 


وأن يؤكد الدين الإسلامي هذا المبدأ كهدف من أهدافه السامية وكوسيلة من الوسائل في نفس الوقت، لتحقيق سائر الأهداف، وليس ثمة دليل على أولوية السلام بين القيم الإنسانية التي أرساها الإسلام من أن الله تعالى سمّى به ذاته سبحانه، فكان اسما من أسماء الله الحسنى، ومن الواضح أن مصدر هذه التسمية هو نسبتها إلى السلام، وهو نقيض العدوان، كما تدل على ذلك أرجح التعاريف، ولتأكيد معنى السلام كفاية أساسية في العقيدة اتخذه الإسلام شعارا لأهله من مختلف أنحاء العالم، فهو تحية المسلم التي يرددها حين يلقى أخاه المسلم أو يودعه، وهو كلمة الختام التي يكررها مرتين في صلواته الخمس كل يوم، وليس ثمة تعظيم للسلام أكبر من أن ينص عليه في شعائر إحدى الفرائض الإسلامية الخمس جنبا إلى جنب مع ذكر الله ورسوله، ترسيخا له في نفوس المسلمين. 


وتعميقا لمعناه في أذهانهم، وحثا لهم على انتهاج طريقه، وإن النفس الإنسانية بطبيعتها أمّارة بالشر، وهي في سبيل تحقيق مطامعها قد تنحرف عن الطريق السوي، فيعمد الفرد أو الجماعة إلى التنازع مع الآخرين لتنفيذ أغراضه الذاتية، وقد يصل التنازع بين الجماعات المختلفة إلى حد الالتجاء إلى البطش والعدوان، فتثور الحروب ويتسع نطاقها حتى تشمل كثيرا من بِقاع الأرض مما يؤدي إلى انهيار المدنيات التي شادتها الشعوب بعد تضحيات، وإلى عودتها القهقرى إلى مرحلة التخلف، واضطرارها مرغمة إلى دفع الثمن غاليا في سبيل تعويض هذا التخلف والتقدم إلى الأمام، ولم تغب هذه الحقيقة عن الإنسان في كافة المراحل التي خاضتها البشرية منذ نشأتها الأولى.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020