العروبة: وحدة الأمة فوق الحدود جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

العروبة: وحدة الأمة فوق الحدود جريدة الراصد 24


  

بقلم القيادي العمالي المستقل محمد عبد المجيد هندي  


مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس  


بسم الله الرحمن الرحيم  


إن الأمة العربية قد عاشت قرونًا وهي ترتبط بروابط قوية لم تفرقها الحدود أو الأنظمة السياسية. هذه الأمة التي تمتد من المحيط إلى الخليج تجمعها لغة واحدة وتاريخ مشترك. لكن مع الأسف، تعرضت الأمة خلال العقود الماضية لتفكك وتراجع في القيم المشتركة التي كانت توحدنا. محاولات التفريق بين الشعوب العربية ليست جديدة، لكنها تزداد حدة في هذا الزمن، مستهدفة العروبة والقيم التي نشأنا عليها. إننا في حاجة ماسة اليوم إلى استعادة مفهوم الوحدة العربية، الذي يعزز الولاء للأمة بأكملها، لا لبعض الأقطار دون غيرها.


العروبة: هوية مشتركة وواجب أخلاقي


العروبة ليست مجرد مصطلح سياسي أو ثقافي، بل هي هوية تميزنا وتجمعنا كشعوب عربية. هي الانتماء الذي يتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية ليشمل كل أبناء الأمة العربية من الخليج إلى المحيط. إنها الرابط الذي لا يعرف التمييز بين غني وفقير، بين دولة كبيرة وأخرى صغيرة، بل يعتمد على أسس العدالة والمساواة. هذا المفهوم يجب أن يكون أساس كل تعاملاتنا مع بعضنا البعض كعرب، فالولاء لأمتنا يعني التضامن، وليس التفريق بين شعوبنا.


كلما ازداد التفكك بين دولنا، كلما أصبحنا أضعف أمام التحديات الكبرى التي تواجه أمتنا. من هنا يجب علينا أن ندرك أن التضامن والوحدة هما السبيل الوحيد لإنقاذ الأمة من التمزق والفشل. إذا ما نجحنا في تعزيز الوحدة العربية، فلن يكون بوسع أي عدو أن يتغلغل بيننا أو أن يستغل ضعفنا.


الولاء العربي يتطلب التضامن الفعلي  


الحديث عن الولاء العربي لا يجب أن يقتصر على الشعارات الرنانة، بل يجب أن يتحول إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع. الدعم المتبادل بين الدول العربية ليس خيارًا، بل هو واجب تجاه كل أبناء الأمة. من غير المقبول أن تظل دول عربية تعاني من الفقر والبطالة بينما تمتلك دول أخرى ثروات هائلة. العروبة الحقيقية تقوم على مبدأ التعاون والتكامل بين الدول العربية. يجب أن نعمل على توحيد الجهود وتوجيه الاستثمارات نحو تنمية الإنسان العربي، لأنه هو القادر على بناء مستقبل هذه الأمة.


إن العمالة العربية هي جزء مهم من هذه المعادلة. إذا استطعنا توفير فرص عمل للشباب العربي، وتمكينهم من العمل والإنتاج في دولهم أو في الدول الشقيقة، فإننا سنكون قد خطونا خطوة كبيرة نحو تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين دولنا. لا يمكن أن نتحدث عن العروبة والوحدة إذا كانت القوى العاملة العربية تعاني من البطالة أو تحتاج للهجرة للبحث عن فرص خارج حدود الأمة.


الاستثمار في العنصر البشري العربي 


مستقبل الأمة يعتمد على استثمارنا في الإنسان العربي. لا يكفي أن نملك الثروات الطبيعية إذا لم نكن قادرين على استغلال هذه الثروات لخدمة شعوبنا. الاستثمار في التعليم والتدريب، وتوفير الفرص للشباب العربي ليكون جزءًا من عملية البناء والإنتاج، هو ما سيؤدي إلى تحقيق النهضة التي نطمح إليها.


إذا ما استطعنا بناء قوى عاملة عربية كفؤة، قادرة على الإبداع والإنتاج، فإننا سنكون قد وضعنا أسسًا قوية لاقتصاد عربي متكامل. يجب أن نبتعد عن الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية، وأن نوجه استثماراتنا نحو تعزيز القوى العاملة المحلية. هذه الخطوة ستعزز من قوتنا الاقتصادية وستسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي نحن في أمس الحاجة إليه.


العدالة والإنصاف: أساس الوحدة العربية


لن تتحقق العروبة الحقيقية إلا إذا كانت قائمة على أسس من العدالة والإنصاف. لا يمكن لأي أمة أن تزدهر إذا كانت تعتمد على التمييز والإقصاء. يجب أن نكون قادرين على احترام جميع الدول العربية، بغض النظر عن حجمها أو موقعها. العدالة تعني أن يكون لكل دولة حقها الكامل في الاستفادة من الموارد والإمكانيات المتاحة داخل الأمة.  


هناك دول عربية غنية بالثروات الطبيعية، وأخرى غنية بالقوى العاملة البشرية. إذا استطعنا توحيد هذه القدرات وتوجيهها نحو التكامل، فإننا سنحقق تقدمًا اقتصاديًا واجتماعيًا غير مسبوق. العدالة تقتضي أن تكون الدول الغنية مصدر دعم للدول الفقيرة، لا تفضلاً بل استنادًا إلى مبدأ التضامن العربي.


الوحدة العربية: ضرورة حضارية


في ظل التحديات العالمية المتزايدة، لم تعد الوحدة العربية خيارًا، بل أصبحت ضرورة حضارية. التكتلات الاقتصادية والسياسية حول العالم تتزايد، بينما الأمة العربية ما زالت تعاني من التفرق والانقسام. يجب أن نعمل على تأسيس مشروع عربي مشترك، يعزز من التكامل بين دولنا ويجعلنا قادرين على مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الأمة.


إن إقامة تكامل اقتصادي بين الدول العربية من خلال استثمار الموارد البشرية والطبيعية المتاحة في كل دولة، سيسهم في تحقيق الازدهار والتقدم للجميع. على سبيل المثال، العمالة العربية الماهرة يمكن أن تكون الحل الأمثل لسد الاحتياجات في دولنا التي تعتمد على العمالة الأجنبية، وبذلك نعزز الروابط الاقتصادية والاجتماعية بين دولنا.


رسالة للأعداء: قوتنا في وحدتنا


كلما تعمق التفرق بيننا كعرب، كلما ازداد أعداؤنا قوة وتأثيرًا. القوى الخارجية تستغل كل فرصة لزرع الفتنة والفرقة بين دولنا، لأنهم يدركون أن وحدتنا هي القوة الحقيقية التي ستقف في وجههم. لكن يجب أن نعلم أن هذه المخططات لن تنجح إذا ما تمسكنا بوحدتنا. إذا أردنا حقًا التصدي لأعدائنا وحماية مصالح شعوبنا، فعلينا أن نعمل على إعادة بناء روابطنا العربية وتعزيز الولاء لأمتنا.


العروبة ليست مجرد كلمة نقولها في المناسبات، بل هي فعل نعيشه يوميًا في تعاملاتنا وتوجهاتنا. علينا أن نرفض كل ما يفرقنا ونعمل على تعزيز ما يوحدنا. وإذا ما استطعنا أن نحقق هذا الهدف، فإن أعداء الأمة سيجدون أنفسهم عاجزين أمام قوة وحدتنا وتضامننا.


العروبة أمانة في أعناقنا


في نهاية هذا المقال، علينا أن نتذكر جميعًا أن العروبة ليست مجرد هوية نتفاخر بها، بل هي أمانة في أعناقنا. هي مسؤولية تجاه كل فرد في هذه الأمة، من الخليج إلى المحيط. إذا أردنا حقًا أن نكون أمة واحدة وقوية، فعلينا أن نعمل معًا لتحقيق هذا الهدف. التضامن والعدالة والإنصاف هي الأسس التي يجب أن نبني عليها وحدتنا العربية.


العروبة ليست ماضيًا نفتخر به فقط، بل هي حاضر ومستقبل يجب أن نعمل على تحقيقه. الوحدة هي السبيل الوحيد لنعود إلى مكانتنا التي نستحقها بين الأمم. وإذا ما استطعنا أن نوحد صفوفنا ونعمل معًا، فإننا سنكون قادرين على بناء مستقبل عربي مشرق، يحقق الازدهار والرخاء لجميع أبناء الأمة.


إن الطريق إلى الوحدة العربية ليس سهلًا، لكنه ضرورة لمستقبلنا. يجب أن نبدأ فورًا ببناء منظومة اقتصادية واجتماعية متكاملة، تعتمد على الإنسان العربي وتوفر له الفرص لتحقيق ذاته والمساهمة في بناء وطنه. بهذا فقط، سنكون قادرين على التصدي لكل التحديات وبناء مستقبل يليق بعظمة الأمة العربية.


قيادي عمالي مستقل 

محمد عبدالمجيد هندي 

مؤسس ورئيس المجلس القومى للعمال والفلاحينتحت التأسيس

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020