يقول الله عز و جل في كتابه العزيز: بسم الله الرحمن الرحيم (10) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11).سورة الحج .
آية كريمة من سورة الحج فيها موعظة ثمينة و لها قصة و حكمة معبرة ، جاء في تفسير الرازي في معنى حرف وجهان
الأول: أن القلب و اللسان هما حرفا الدين ، فإذا وافق أحدهما الآخر تكامل المرء في الدين و إذا أظهر الدين بلسانه و في قلبه النفاق يقال له على وجه الذم ، يعبد الله على حرف
و الثاني: في قوله على حرف ، أي طرف من الدين لا في وسطه و قلبه، و هذا مثل من هو على قلق و اضطراب في عقيدته لا على سكون و طمأنينة
وللآية قصة ينقلها العلماء بروايات مختلفة في معالم التنزيل للإمام البغوي( نزلت الآية في قوم من الأعراب كانوا يقصدون المدينة مهاجرين من باديتهم، فكان أحدهم إذا قدم المدينة ، فصح بها جسمه ، و نتجت فرسه مهرا حسنا ، و ولدت امرأته غلاما، و كثر ماله، قال : هذا دين حسن، وقد أصبت فيه خيرا و اطمأن إليه،
و إن أصابه مرض ، و ولدت امرأته بنتا، و أجهضت فرسه، وقل ماله، قال: ما أصبت منذ دخلت في هذا الدين إلا شرا، فينقلب عن دينه وذلك الفتنة.
و الفتنة في الآية ضيق العيش و أسبابه ، وقيل العذاب و المصائب و الشدائد ، أما الخير فسعة العيش و الرزق و الإستقرار.
ذكر الجمهور أن الآية نزلت في المنافقين ، إذا صلحت دنياهم أقاموا على العبادة، و إذا فسدت انقلبوا فلا يقيموا على العبادة، إلا لما صلح من دنياهم فإذا أصابتهم فتنة رجعوا إلى الكفر.
و الآية درس عظيم في الإيمان و التقوى، فالله يختبر عباده ليمحص ما في قلوبهم، فيمدهم بالخير ليرى أفعالهم، ثم يمتحنهم و يبتليهم بالفتن لتظهر حقيقة إيمانهم و عبادتهم و ثقواهم.
وجب على المؤمن التسليم التام لأمر الله ، بلا جدال و لا شكوى أو تدمر، ليفوز بمرضاته و ينال ثواب الآخرة، يقول الله تعالى { ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين }.
صدق الله العظيم.
أبو سلمى
مصطفى حدادي