الجيش المصري في الصومال للدفاع عن أمن مصر ورسالة قوية للمستقبل ؟جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

الجيش المصري في الصومال للدفاع عن أمن مصر ورسالة قوية للمستقبل ؟جريده الراصد24

 


الجيش المصري في الصومال للدفاع عن أمن مصر ورسالة قوية للمستقبل ؟جريده الراصد24

بقلم: القيادي العمالي المستقل محمد عبدالمجيد هندي، مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس


في ظل التحديات الإقليمية المتصاعدة في منطقة القرن الإفريقي، ومع تعقيد الأوضاع في الصومال، يظهر الدور المصري متجاوزًا حدوده الجغرافية، حيث يثبت الجيش المصري أنه لا يتوانى عن تحمل مسؤولياته تجاه أمن مصر وحمايتها، بل ويستجيب لتحديات المنطقة التي تتطلب منه أن يكون حاضرًا في قلب الأحداث. إن إرسال القوات المصرية إلى الصومال ليس مجرد خطوة عسكرية، بل هو جزء من استراتيجية مصرية شاملة تهدف إلى ضمان الاستقرار الإقليمي وحماية المصالح الوطنية المصرية في منطقة تموج بالتهديدات.


الصومال والمصلحة المصرية


الصومال، تلك الدولة التي ما فتئت تعاني من سنوات طويلة من الفوضى، التمردات المسلحة، والنزاعات الإرهابية، كانت بحاجة إلى شريك قادر على إحداث تغيير حقيقي على الأرض. لقد كانت مصر، بكل تاريخها العريق ومكانتها القيادية في القارة، هي الخيار الأمثل. إن حضور الجيش المصري في الصومال ليس دعمًا للموقف العسكري فحسب، بل هو استثمار في استقرار المنطقة برمتها. القوات المصرية التي وصلت إلى العاصمة الصومالية في أغسطس 2024 تأتي بالتعاون مع بعثات الاتحاد الإفريقي، وتهدف إلى التصدي للجماعات المتطرفة مثل حركة الشباب، التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.


لكن الأمر لا يتوقف هنا. ففي ظل التوترات المتصاعدة بين مصر وإثيوبيا بسبب سد النهضة، فإن تواجد الجيش المصري في الصومال يحمل رسالة استراتيجية شديدة الأهمية. إن هذه المنطقة، التي تشهد أزمات مستمرة وتوترات إقليمية، تمثل نقطة مفصلية في الأمن القومي المصري. فمع وجود تحديات تهدد حدودنا الجنوبية ومواردنا المائية، لا يمكن لمصر أن تظل بمعزل عن الأحداث التي تدور في جيرانها. إن التصدي لهذه التهديدات يتطلب تحركات استباقية، وهو ما يقوم به الجيش المصري في الصومال.


دور مصر في الحفاظ على الأمن العربي


وجود الجيش المصري في الصومال ليس مجرد دعم للحكومة الصومالية بقيادة الرئيس حسن شيخ محمود، ولكنه أيضًا رسالة سياسية استراتيجية تنبض بالقوة والتأثير. إن مصر تعمل في إطار التزامها العميق تجاه قضايا الأمن القومي العربي. فمن خلال تكثيف التعاون مع الدول الإفريقية في مكافحة الإرهاب والتهديدات الأمنية، تقدم مصر نموذجًا حيًا لالتزامها بثوابت الأمن العربي في مواجهة المخاطر التي تهدد الاستقرار الإقليمي.


إن إرسال الجنود المصريين إلى الصومال يشير إلى أن مصر لا تكتفي بالدفاع عن حدودها فقط، بل تلتزم أيضًا بحماية الأمن القومي العربي من خلال دعم الدول الشقيقة في مواجهة أعدائها المشتركين. إن التوترات السياسية والاقتصادية التي تحيط بمصر تتطلب تحركات جريئة ومبكرة. وفي هذا السياق، يمثل الوجود العسكري المصري في الصومال جزءًا من تحالفات استراتيجية تهدف إلى تعزيز استقرار منطقة القرن الإفريقي، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من الأمن المصري.


مطامع إثيوبيا في البحر الأحمر: التحديات والمخططات الإقليمية


إثيوبيا، التي طالما كانت تلعب دورًا محوريًا في التوترات الإقليمية في منطقة القرن الإفريقي، لا تزال تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن مصر ومواردها المائية، خاصة مع تصاعد نزاعاتها في ملف سد النهضة. إلا أن المطامع الإثيوبية تتجاوز حدود هذا الملف لتصل إلى البحر الأحمر، الذي يعد شريانًا حيويًا لمصر والعالم العربي. تسعى إثيوبيا، بدعم من بعض حلفائها الإقليميين والدوليين، إلى تعزيز نفوذها على هذا المسار الحيوي، الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي، وبالتالي فإنها لا تقتصر على سعيها للسيطرة على منابع النيل، بل تتعدى ذلك لتحقيق هيمنة استراتيجية في البحر الأحمر.


إثيوبيا تدرك تمامًا أهمية البحر الأحمر كمعبر تجاري عالمي، وهي تحاول استخدام هذا الوجود الاستراتيجي لصالحها في مواجهتها مع مصر. ورغم أن إثيوبيا ليست دولة ساحلية في البحر الأحمر، فإنها تحاول الدخول في تحالفات مع دول مثل إريتريا وجيبوتي، بل وتستثمر في بناء قواعد عسكرية وموانئ على سواحل البحر الأحمر. هذا التوجه يمثل تحديًا مباشرًا لمصر، التي تعتبر البحر الأحمر جزءًا من أمنها القومي الحيوي، خصوصًا مع تزايد الحركة التجارية العالمية عبر هذه المياه.


إن المخططات الإثيوبية، بالتعاون مع حلفائها، تهدف إلى خلق وجود عسكري واقتصادي في المنطقة يسمح لها بالتحكم في طرق التجارة البحرية وتوجيه ضغوط على مصر. تتعاون إثيوبيا مع بعض القوى الكبرى التي تسعى إلى زيادة نفوذها في المنطقة، مما يزيد من تعقيد المعادلة السياسية والأمنية. التحركات الإثيوبية على صعيد البحر الأحمر تشكل تهديدًا لحرية الملاحة، كما تهدد أمن قناة السويس، الشريان الاقتصادي الحيوي لمصر والعالم.


إثيوبيا، وبالتواطؤ مع بعض الدول التي تسعى إلى تحجيم دور مصر في المنطقة، تحاول خلق نقاط ضغط جديدة على مصر من خلال محاولات السيطرة على محيط البحر الأحمر، وهو ما قد يعرض مصر لمخاطر غير مسبوقة. لذلك، فإن وجود القوات المصرية في الصومال والجهود الدبلوماسية التي تقودها القاهرة في المنطقة ليس مجرد رد فعل على التهديدات المباشرة، بل هو جزء من تحركات استراتيجية تهدف إلى إعادة التوازن إلى منطقة البحر الأحمر وصد الطموحات الإثيوبية التي تسعى للهيمنة على هذا الممر المائي المهم.


رسالة قوية للمستقبل


إذا كانت منطقة القرن الإفريقي مستقرة، فإن ذلك يعني أن التهديدات الأمنية، سواء من الجماعات المتطرفة أو النزاعات الإقليمية، لن تكون قادرة على اجتياز حدودنا الجنوبية. إن وجود الجيش المصري في الصومال يؤكد أن مصر ليست مجرد دولة حاضرة في الأحداث، بل هي لاعب رئيسي في رسم ملامح المستقبل في إفريقيا. هذه الخطوة الاستراتيجية تعكس رؤية مصر القيادية التي تضع أمنها القومي على رأس أولوياتها، وتؤكد أن مصر على استعداد للدفاع عن مصالحها أينما كانت.


إن المشاركة المصرية في حماية استقرار الصومال تهدف إلى بناء مستقبل عربي قوي ومتحد، قادر على مواجهة التحديات المستقبلية. فمصر، التي تتحمل عبء حماية أمنها الداخلي والخارجي، لا تتخلى عن دورها القيادي في المنطقة، بل تواصل التأكيد على مكانتها كداعم رئيسي للسلام والاستقرار في إفريقيا والعالم العربي.


الجيش المصري: درع الأمان والطمأنينة


إن الدور الذي يلعبه الجيش المصري في الصومال ليس مجرد تحرك عسكري، بل هو دليل حي على أن مصر، بشعبها وقيادتها، تظل دائمًا في طليعة المدافعين عن السلام والأمن في المنطقة. إن الجيش المصري يمثل درع الأمان، ليس فقط لشعبه، بل أيضًا لأشقائه في إفريقيا والعالم العربي. وجوده في الصومال هو رسالة لكل من يعتقد أن مصر يمكن أن تتراجع عن دورها القيادي في القضايا الإقليمية والدولية.


ختامًا


إن مشاركة مصر في تعزيز استقرار الصومال تأتي في وقت بالغ الأهمية. هذا الدور الذي يقوم به الجيش المصري في القرن الإفريقي يبعث برسالة واضحة وقوية: مصر لن تترك أمنها القومي يتعرض للخطر، ولن تتخلى عن دورها القيادي في المنطقة. إن هذه الخطوات، التي تشمل التعاون مع الدول الشقيقة ومكافحة الإرهاب، هي التي تضمن للمصريين مستقبلاً آمنًا ومستقرًا، بعيدًا عن التهديدات والتحديات التي تحيط بالمنطقة.


مصر، بتاريخها العريق وبجيشها القوي، تظل دائمًا في الطليعة، مدفوعةً بروح الانتماء الوطني والإرادة السياسية القوية لحماية أمنها ومصالحها.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020