بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 7 أكتوبر 2024
الحمد لله شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجا في الإحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إنه ينبغي علينا جميعا أيها المسلمون الصدع بالحق إقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم فإنه لما كثر عليه الإستهزاء والسخرية، قال الله له "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين" أليس قريش هي القائلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين" أليس نظراتهم الملتهبة الناقمة الهازلة الساخرة.
كانت تلاحق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مكان فيقول تعالي في سورة القلم "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين" فكل ذلك حصل فما زاد نبي الله صلوات الله وسلامه عليه إلا مضيّا في طريق الحق والذين يتصدون للدعوة ثم تردهم كلمة ساخرة أو غمزة ساقطة ليسوا أهلا لتحمل هذه الدعوة فإن الإيمان ليس كلمة تقال باللسان وكفى وإنما هو حقيقة كبرى لها تكاليفها وأمانتها وأعباؤها وجهادها، فمن ردته السخرية أو ثنت عزمه وسائل الإستهزاء فيجب عليه التنحى عن الطريق وليترك الأمر لمن هم له أهل وكفء، والعجب في هذا الباطل ودعاة الضلالة ، فإنهم مع كل عقبة تقابلهم في طريق باطلهم إلا أنك تجد لديهم من الثبات على مبدأهم.
وإصرارهم وعنادهم ما يذهلك وأنت ترى بعض ضعاف الإيمان تنازل عن أمور دينه بسبب همزة أو لمزة أو كلمة لاذعة، أو سخرية مسرحية ماجنة، فإلى الله نشكو جلد الفاجر وعجز التقي، ولو تأملنا حال داعية من الدعاة إلى الله في العصور المتأخرة، وقرأنا في تاريخه كم صعوبة لاقاها وكم سخرية عانى منها ضحكوا به ونفروا الناس منه وافتروا عليه بأنه يكره الرسول صلى الله عليه وسلم ويبغض الصحابة، ويفرق جمع الأمة وأتى بمذهب خامس، ويكره الأولياء، وإلى آخر الإفتراءات والأكاذيب فماذا كان موقفه من ذلك وهو إن هذا الأذى ما زاده إلا شجاعة في الحق وصدعا بالدعوة إلى التوحيد الخالص وإعلان البراءة من الشرك وأهله، وكشف شبهات أهل الزيغ والضلال، كل ذلك صدر منهم وهو واثق من نصر ربه.
وأنه من يتوكل على الله فهو حسبه، فماذا كانت النتيجة ؟ وهو أن خلد التاريخ ذكره، وأين أولئك الأعداء أمثال أبن عفالق والقباني والكوكباني ودحلان وابن جرجيس والنجفي والنبهاني والدجوي والعاملي، وغيرهم وغيرهم من عشرات الذين جلبوا بخيلهم ورجلهم إرجافا وخذلانا لهذا الدعوة السلفية المباركة، ولقد ذهب هؤلاء ونسوا في خضم أحداث التاريخ وبقى تاريخ هذا الإمام المجدد علما يتلألأ في سماء هذه الدنيا كلها ينهل من علمه وتترجم كتبه ويهتدى على دعوته آلاف الناس في مشارق الأرض ومغاربها ويظهر الله الحق الذي جاء به هذا الشيخ الإمام ويزهق الله ذلك الباطل الذي جاء به الخصوم "فأما الزبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"
أجل فقد نسي الناس سخريات وكيد وسفاهة أولئك الأعداء، وبقي هذا الخير العظيم ينفع الناس ولا يكاد بيت من بيوت المسلمين اليوم يخلو ولو من كتاب واحد لذلك الإمام العظيم رحمه الله وغفر له وأجزل مثوبته ورفع درجته، إنه ربي على كل شيء قدير.