بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 7 أكتوبر 2024
الحمد لله برحمته اهتدى المُهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد، إن من الناس من هو منكوس الفطرة وميت القلب وأعمى البصيرة، يعشق الباطل ويكره الحق، ويحب الظلام ويفر من النور، يريد للدنيا أن يعمها الظلام الدامس، يريد للمجتمعات أن تعيش في مستنقع الرذيلة العفن، ويريد من الناس أن يتخلوا عن كل خلق وفضيلة، يغيضه الطهر والعفاف والنقاء والصفاء والأخلاق والقيم، ولا يطيب له العيش إلا في المستنقعات القذرة.
وهذا هو حال المنافقين في كل زمان، يكرهون الدين وأهله ويستخدمون سلاح السخرية والإستهزاء لمعارضة هذا الدين وصد الناس عنه، يفعلون ذلك لأن الشهوات قد تحكمت في نفوسهم، أو لأن أعمالهم ومشاريعهم قائمة على المحرمات والمنكرات، فهم يخافون من الدين أن يجفف مستنقعهم القذر الذي يعيشون في وحله ويتكاثرون في دنسه، ويستهزئون بالصلاة، ويصدون الناس عنها، ويضحكون ممن يقيمها ويحافظ عليها، ويسخرون من الصيام، ويدعون إلى رفع التجريم عن الإفطار العلني في رمضان، ويسخرون من حجاب المرأة وعفتها وحيائها، ويعتبرون ذلك رمزا للتخلف والرجعية، وما أرادوا من ذلك إلا لتخرج المرأة عن عفافها وشرفها، فتكون لقمة سهلة لذئاب البشر المسعورة.
وحتى يتحول هذا المجتمع المحافظ على دينه وقيمه وأخلاقه، إلى مجتمع وحشي يرزح تحت وطأة الإباحية والسّعار الجنسي، وتدمير الأسرة ومحاربة الفضيلة والعفة، وكما أن من صور الإستهزاء ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض أهل البدع حيث يرى أحدهم أن إستغاثته بالشيخ يعتقد فيه ويتبعه عند قبره أو غير قبره أنفع له من أن يدعو الله في المسجد عن السحر، ويستهزئ بمن يعدل عن طريقته إلى التوحيد وكثير منهم يخربون المساجد ويعمرون المشاهد فهل هذا إلا من إستخفافهم بالله وآياته ورسوله وتعظيمهم للشرك وإذا سمع أحدهم بعض الأبيات حصل له من الخشوع والحضور ما لا يحصل له عند سماع الآيات، بل يستثقلونها ويستهزءون بها وبمن يقرؤها مما يحصل لهم به أعظم نصيب من قوله تعالى "قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون"
وهناك أمثلة كثيرة من الإستهزاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللباس والأكل أو التيامن أو السواك أو غير ذلك مما يصعب حصره وعدّه، فالله المستعان، ومن الناس من يعرض عن كتاب الله ويرفض أحكامه وأخلاقه، ويسعى بكل ما يملكه من جهد ووسيلة لصد الناس عنه وإبعادهم عنه، وكما أن من الإستهزاء بالله تعالى هو الإستهزاء بدينه وشرعه، فالإسلام دين رب العالمين، من استهزأ به فقد إستهزأ بالله تعالى لأنه هو الذي شرعه وإرتضاه دينا لعباده، فاللهم نجنا من كربات يوم القيامة يا كريم، واغفر لنا ذنوبنا يا أرحم الراحمين، وأظلنا في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك إنك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.