بقلم القيادي العمالي المستقل: محمد عبدالمجيد هندي
في ظل الظروف الاقتصادية والتحديات التي تواجه بلادنا، تتبع القيادة الحالية في مصر استراتيجيات للتوسع العمراني وزيادة مساحة المناطق السكنية. ورغم ما يطرحه هذا التوسع من أمل في تحسين معيشة المواطنين، علينا أن نتساءل بصوتٍ عالٍ: هل هذا التوجه نحو البناء السكاني هو ما تحتاجه مصر اليوم؟ وهل سيضع هذا التوسع السكني على المدى القريب والمتوسط مصر على طريق الاكتفاء الذاتي والاستقرار؟
إن ما تحتاجه مصر اليوم ليس مجرد تمددٍ في رقعتها السكنية، بل تأسيس لبنية تحتية اقتصادية صلبة ترتكز على التصنيع والإنتاج. عندما نعتمد على التصنيع المحلي لسد احتياجات البلاد الأساسية، نتمكن من خفض فاتورة الاستيراد التي تُثقل كاهل الاقتصاد، ونحقق درجة من الاكتفاء تُمكننا من حماية مصالحنا من تقلبات الأسواق الدولية.
أهمية الإنتاج المحلي وأثره على الاستقلال الاقتصادي
إن الدول التي ترسم سياساتها الاقتصادية بحكمة تدرك أن الإنتاج المحلي هو الركيزة التي يمكن الاعتماد عليها لبناء اقتصاد قوي. فالاعتماد على المنتجات المستوردة يُبقي البلاد تحت رحمة الظروف الاقتصادية العالمية، التي لا ترحم الدول التي تعتمد كليًا على الخارج. ولنتذكر جميعاً أن أي اضطراب في سلاسل الإمداد العالمية – مثلما رأينا خلال أزمات سابقة – يهدد استقرار الدولة ورفاهية شعبها.
ومن هذا المنطلق، نجد أنه من الحكمة أن توجه القيادة المصرية مواردها نحو إنشاء مصانع تغطي احتياجات المواطن اليومية، من غذاء ودواء وملابس وتجهيزات صناعية وغيرها من المستلزمات. فلا يمكن لاقتصاد أن ينمو ويستقر إلا إذا استطاع الاعتماد على إمكاناته الذاتية وقدراته الإنتاجية المحلية.
التصنيع المحلي ودوره في خلق فرص العمل
ليس خافياً على أحد أن البطالة باتت آفة تُهدد الأمن الاجتماعي في مصر. ومع استمرار التوسع السكاني، تنشأ الحاجة إلى المزيد من فرص العمل لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الشباب الداخلين إلى سوق العمل. وهنا يأتي التصنيع كخيار استراتيجي يعالج هذه القضية من جذورها؛ فالمصانع لا تخلق فرص العمل فحسب، بل توفر للمواطن دخلاً ثابتاً يضمن له حياة كريمة ويعزز من قوة الطبقة المتوسطة، التي تُعد العصب الحقيقي لأي اقتصاد مستقر.
مستقبل مصر في موازنة الأولويات
لا يمكن لمصر أن تتبع سياسات سطحية تعتمد فقط على مظاهر التوسع العمراني والبناء، في وقتٍ نحن فيه بحاجة ماسة إلى توجيه الموارد نحو بناء أساس اقتصادي صلب. إن الأولوية يجب أن تكون في تحسين جودة الحياة لكل مواطن من خلال تنمية الاقتصاد، وضمان بيئة عمل مستقرة وإنتاجية، تحقق اكتفاءً وتمنح كل فرد شعوراً بالاستقرار والأمان.
وفي الختام، أدعو القيادة المصرية إلى إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية، وإلى وضع خطة استثمارية جريئة نحو التصنيع المحلي والاكتفاء الذاتي. ففي الأزمات، لن يكون لنا عونٌ سوى ما نصنعه بأيدينا، وما نزرعه بأرضنا.
بقلم القيادي العمالي المستقل: محمد عبدالمجيد هندي
مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين - تحت التأسيس