بقلم: ، محمد عبدالمجيد هندي،
إن المجتمعات العربية تمر بحالة من الخلل الاجتماعي الذي أثر بشكل كبير على تماسكها وقوتها. هذا الخلل لم يقتصر فقط على الجوانب الاقتصادية والسياسية، بل امتد ليشمل العلاقات الاجتماعية والعائلية، مما أدى إلى تفكك نسيج المجتمع وتراجع الروح الجماعية التي كانت تميزنا في الماضي.
عندما ننظر إلى واقع المجتمعات العربية، نجد أن التماسك الاجتماعي قد اهتز بشكل غير مسبوق. الأسرة، التي كانت يومًا ما مركزًا لتوجيه وتربية الأجيال، أصبحت اليوم مهددة بالتفكك، حيث فقدت كثير من الأسر روح الانسجام والترابط. أصبح كل فرد مشغولًا بحالته الخاصة، يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية دون النظر إلى مصلحة الآخرين. هذا التفكك الاجتماعي لا يقتصر على الأسرة فقط، بل يمتد ليشمل كافة شرائح المجتمع العربي، حيث يعيش كل فرد في دائرة ضيقة من همومه دون أن يلتفت إلى هموم غيره.
هذا الواقع لا يقتصر فقط على التفكك الاجتماعي، بل يؤدي أيضًا إلى ظهور نزعات عنصرية وفئوية داخل المجتمع. عندما يصبح كل شخص مشغولًا بنفسه وبأحواله، تتضاءل مشاعر التعاطف والاهتمام بالآخرين، وتبدأ قيم التعاون والتضامن في التراجع. وهذا بدوره يخلق بيئة خصبة لنمو العنصرية والتمييز على أساس العرق أو الدين أو الطبقة الاجتماعية.
إن الطريق الوحيد للنهوض من هذه الحالة هو العودة إلى القيم والمبادئ التي قامت عليها مجتمعاتنا في السابق. لن تصبح الأمة قوية وموحدة إلا بالرجوع إلى قواعد الدين، والتمسك بكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، حيث نُدْعَى إلى التعاون والتآلف والعمل معًا من أجل مصلحة الجميع. حينما نعيش بروح اجتماعية حقيقية، ونتجاوز أنانيتنا، نتمكن من بناء مجتمع متماسك، خالي من العنصرية والتفرقة، ويستطيع مواجهة التحديات التي تعترض طريقه.
لذا، يجب علينا أن نعيد إحياء الروح الاجتماعية في مجتمعاتنا، وأن نغرس في الأجيال القادمة قيم الأخوة والاحترام المتبادل. فلن نتمكن من بناء أمة قوية وقادرة على مواجهة التحديات إلا بتعزيز التضامن الاجتماعي والعمل الجماعي، وتأكيد أن الجميع في المجتمع هم شركاء في المصير.