بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 17 نوفمبر 2023
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده وعبد ربه مخلصا حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فاتقوا الله عباد الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ثم أما بعد روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اتقوا اللاعنين " قالوا وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم " الذي يتخلي في طريق الناس أو ظلهم "
وفي قوله صلى الله عليه وسلم " اتقوا اللاعنين " قال الخطابي يريد الأمرين الجالبين للعن الحاملين للناس عليه والداعيين إليه، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم، ويعني عادة الناس لعنه فلما صارا سببا لذلك أضيف إليهما الفعل فكانا كأنهما اللاعنان، ويعني أسند اللعن إليهما على طريق المجاز العقلي، وقد يكون اللاعن أيضا بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول كما قالوا سر كاتم أي مكتوم، فعلى هذا يكون التقدير اتقوا الأمرين الملعون فاعلهما، ومعني " الذي يتخلي في طريق الناس " أي يتغوط أو يبول في موضع يمر به الناس، والمراد بالتخلي هو التفرد لقضاء الحاجة غائطا أو بولا، فإن التنجس والإستقذار موجود فيهما، والمراد بالطريق الطريق المسلوك لا المهجور الذي لا يسلك إلا نادرا، ومعني " أو ظلهم "
أي مستظل الناس الذي إتخذوه مقيلا ومنزلا ينزلونه ويقعدون فيه، وليس كل ظل يحرم القعود للحاجة تحته، فقد قعد النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته تحت حائش من النخل وللحائش لا محالة ظل، والحديث يدل على تحريم التخلي في طرق الناس أو ظلهم لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر به وإستقذاره، ومن ترك الأذى عدم السير في المخالف إن كان طريقا أو مكان المعاقين وذوي الإحتياجات الخاصة، وترك الحركات المرعبة كفرك الكاوتش أو لعبة الحصان أو السرعة الزائدة أو إستخدام صافرات الإنذار الغير المأذون فيها، ومن حق الطريق إعانة الرجل في حمله على مركوبه، أو رفع متاعه عليها، كذلك من حق الطريق ردّ السلام، وحسن الكلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يحث المارة على فعل الخير وقوله، وعلى تجنب السمع الحرام وهو الغناء، وينهى النساء عن التبرج في الأسواق والطرق وإختلاطهن بالرجال، فالمنكرات إذا كثر إنكارها زالت أو تلاشت، وإن سكت عنها فشت وإنتشرت، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فوائد عظيمة للأمة، منها نجاة سفينة المجتمع من الهلاك والغرق، ومنها قمع الباطل وأهله، ومنها كثرة الخيرات والحد من الشرور، ومنها إستتباب الأمن، ومنها نشر الفضيلة وقمع الرذيلة إلي غير ذلك، فاللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك اللهم لنا فيما أعطيت
وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا.