بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 20 ديسمبر 2024
الحمد لله الذي جعل لنا الصوم حصنا لأهل الإيمان والجنة، وأحمد سبحانه وتعالى وأشكره، بأن من على عباده بموسم الخيرات فأعظم المنة ورد عنهم كيد الشيطان وخيب ظنه، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، شهادة تؤدي لرضوانه والجنة، أما بعد إن طلب العلم الشرعي وحضور مجالسه من أفضل الأعمال، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وما إجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده" رواه مسلم، فإستمر في حضورك لدروس العلم، ولو كانت إستفادتك منها محدودة، وبلغ ما علمت من ذلك الخير.
وتأكد من صحة ما تبلغ، وإنشره وإنفع به أهلك وإخوانك، فذلك أعظم معروف تسديه لهم، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "بلغوا عني و لو آية" رواه البخاري، ولا إثم عليك إن شاء الله في ما نسيته لعدم مذاكرتك مع أن إهمال العلم ونسيانه من أكبر الخسائر التي ينبغي للمسلم أن يبعد نفسه عنها، وننصحك بالصبر، وعدم التعجل وبذل الجهد في التعلم على قدر طاقتك وأن تأخذ نفسك بالتدرج في ذلك بأن تختار كتابا يسيرا في الفقه مثل كتاب الفقه الميسر ونحوه من الكتب السهلة المحببة للنفس، ككتب السيرة النبوية وغيرها، فتقرأها في بيتك، ومع أصدقائك من دون إطالة مملة حتى تعتاد القراءة في علوم الشرع، وتسهل عليك ونوصيك بالصحبة الصالحة التي تعينك على طلب العلم ومذاكرته.
وعليك بكثرة الدعاء والقراءة في سير علماء الأمة، وكيف نفع الله بهم، وأعلى ذكرهم لدفاعهم عن دينه، وتبليغهم له، وإن خير أعمال المسلمين وأزكاها، وأطهرها وأعلاها، وأشرفها قدرا عند الله تعالى وأجلها مكانة عنده ذكر الله عز وجل، كذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم قال "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا بلى، قال ذكر الله" رواه الترمذي، فخير عمل يعمله المسلم وأزكاه أن يذكر ربه ومولاه، فالذكر خير ما يكتسب من القربات، وأولى ما ترفع به الدرجات، وهو أفضل من الصدقات.
ويعدل الجهاد في سبيل رب الأرض والسموات، فلما كان للذكر هذا الفضل كانت لمجالسه الرفعة على بقية مجالس الناس، فهي بحق رياض كرياض الجنة في هذه الحياة، كما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا وما رياض الجنة؟ قال حلق الذّكر" والحديث وإن كان ضعفه جماعة من أهل العلم والمحدثين، إلا أنه قد حسنه بعضهم كالحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث المشكاة، والألباني في صحيح الترغيب وغيره، وعلى كل حال فمعناه صحيح فإن مجالس ذكر الله تعالي فيها حياة القلوب، وزيادة الإيمان، وزكاة النفوس، وسبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.