بقلم: صابر محجوب
يشكل الإهمال الطبي في المستشفيات أحد أبرز القضايا التي تهدد حياة آلاف المرضى، حيث تتكرر الحوادث المؤسفة التي كان من الممكن تفاديها لو توفرت الرعاية الصحية اللازمة. ورغم الجهود الرسمية لتحسين جودة الخدمات الطبية، إلا أن الواقع يشير إلى أزمات متفاقمة تسفر عن معاناة إنسانية ومجتمعية كبيرة.
أخطاء قاتلة وأزمات مستمرة
تتنوع أشكال الإهمال الطبي، بدءًا من التشخيص الخاطئ للحالات المرضية، مرورًا بعدم تقديم الإسعافات اللازمة في الوقت المناسب، وصولًا إلى غياب معايير النظافة والتعقيم داخل المستشفيات. وتشهد العديد من الحالات إصابات خطيرة، بل ووفيات، بسبب تدهور الخدمات الأساسية.
وفي حالات عديدة، أدى تعطل التكييفات ونقص الأكسجين إلى تفاقم معاناة المرضى داخل غرف العناية المركزة. كما أن تعطّل المصاعد المخصصة لنقل المرضى أجبر العاملين على حمل المرضى يدويًا عبر السلالم، وهو ما يشكل خطرًا إضافيًا على حياتهم.
أسباب متجذرة للأزمة
تعود أزمة الإهمال الطبي إلى عدد من الأسباب، منها:
نقص الكوادر المؤهلة: تواجه المستشفيات نقصًا في عدد الأطباء والممرضين مع تزايد عدد المرضى، مما يؤدي إلى ضغوط كبيرة على العاملين.
تدهور البنية التحتية: تعاني المستشفيات من نقص حاد في التجهيزات والمعدات، إضافة إلى تهالك بعض المنشآت.
ضعف الرقابة: غياب المحاسبة والتدقيق يشجع على استمرارية الإهمال، حيث يتم التنبيه مسبقًا قبل قدوم لجان التفتيش.
الإرهاق المهني: يعمل الطاقم الطبي في ظروف شاقة، ما يؤدي إلى انخفاض الكفاءة وارتفاع معدلات الأخطاء الطبية.
آثار مدمرة على المرضى والمجتمع
الإهمال الطبي لا يتوقف تأثيره عند حدود المستشفى، بل يمتد ليشمل الأسر والمجتمع بأكمله. فالخسائر البشرية الناتجة عن الإهمال تترك آثارًا نفسية واجتماعية واقتصادية كبيرة. كما تتسبب هذه الحوادث في تآكل ثقة المواطنين في النظام الصحي، مما يدفع البعض للبحث عن العلاج في الخارج أو اللجوء إلى مراكز طبية غير معتمدة.
حلول مطلوبة لإنقاذ الأرواح
للحد من هذه الظاهرة، يجب اتخاذ خطوات عاجلة على عدة مستويات، تشمل:
. تعزيز الرقابة: إنشاء هيئات رقابية مستقلة تتابع أداء المستشفيات بشكل دوري وتتعامل بحزم مع أي حالات تقصير.
. رفع كفاءة الكوادر الطبية: توفير برامج تدريبية مستمرة للأطباء والممرضين لضمان قدرتهم على التعامل مع مختلف الحالات المرضية.
. تطوير البنية التحتية: تحديث المستشفيات وتجهيزها بأحدث المعدات، مع الاهتمام بحل المشكلات المزمنة مثل تعطل المصاعد وتكدس الزوار.
. تمكين المرضى: نشر الوعي بحقوق المرضى وآليات تقديم الشكاوى ضد أي إهمال أو تقصير.
خاتمة
إن الإهمال الطبي في المستشفيات يمثل أزمة نظامية تتطلب تعاونًا حقيقيًا من جميع الأطراف المعنية. تحسين جودة الرعاية الصحية ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لحماية حياة المرضى وصون كرامتهم.
وفي هذا السياق، تبرز مستشفى الحوامدية العام ومستشفيات مدينة أبو النمرس كنماذج تحتاج إلى رقابة صارمة، حيث تتكرر الممارسات التي تعكس غياب المحاسبة. إن تأجيل الحلول أو التغاضي عن هذا الواقع يزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية التي يدفع ثمنها المواطنون البسطاء يوميًا.