سوق عكاظ جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد24 جريدة الراصد24

داخل المقال

جاري التحميل ...

سوق عكاظ جريده الراصد24

 

سوق عكاظ جريده الراصد24

نبدة عن الاسواق بالجاهلية»» »» كانت هناك الكثير من الأسواق ، تقام في مختلف أنحاء الجزيرة العربية طوال شهور السنة، لتبادل المنافع، حتى لا يكاد يخلو منها شهر ، فكان العرب يجتمعون بدومة الجندل في أوائل ربيع الأول، ثم ينتقلون إلى هجر بالبحرين في ربيع الثاني، و فيها قيل المثل المشهور( كمبضع الثمر إلى هجر) ، وفي شهر جمادى يذهبون إلى عمان و يظلون تمة حتى آخر الشهر، وبعد ذلك يرحلون المقشر و هو حصن بالبحرين فتقوم به سوقهم أول يوم من جمادى الآخرة، و من ثم ينتقلون إلى صحار فيقيمون بها بضعة أيام من رجب ، ومن أسواقهم الشحر بين عمان و عدن، وتقوم في النصف من شعبان، ثم يذهبون إلى عدن و من ثم إلى صنعاء في النصف من رمضان إلى آخره، وفي شوال كانت تقام سوق عكاظ ، وهي أكبر أسواق العرب وتستمر إلى آخر ذي القعدة ، فإذا أهل ذو الحجة أتوا ذا المجنة و ذا المجاز و هما قريبان من مكة و كانتا تقامان أيام موسم الحج..

كانت هذه الأسواق كلها أشبه بمعارض عامة يفد إليها الناس من شتى أنحاء الجزيرة العربية ، وتجرى فيها مسابقات الخيول، وتقام الألعاب ، ويتناشد الشعراء، وتعقد المؤتمرات للنظر في الأمور من مسائل السلم و الحرب، و التعاهد و الحلف، و التقاضي و الثأر، و كانت سوق عكاظ أشهر هذه الأسواق ، يشهدها جم غفير من الناس من مختلف القبائل في طريقهم إلى الحج، وفي عكاظ كانت تقوم المنافرات و المغامرات و تنشد الأشعار، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت

سأنشر إن حييت لهم كلاما***ينشرفي المجامع من عكاظ 

و في عكاظ يقول طريف بن تميم العنبري:

أو كلما درت عكاظ قبيلة ***بعثوا إلى عريقهم يتوسم 

وفي عكاظ ألقى قس بن ساعدة الإيادي أسقف نجران خطبته المشهورة على جمل أردن و سمعها النبي عليه الصلاه والسلام و رواها أبو بكر، فلم يكن من المعقول أن يجتمع في هذا السوق و غيرها هذا الجمع الحاشد من شتى أنحاء الجزيرة العربية ، ومن مختلف القبائل من غير أن تكون تمة لغة واحدة بها يتخاطبون و ينشدون أشعارهم، فيفهمها الجميع، و يتنافرون و يتخاصمون و يخطبون و يتنافسون، فيفهم الناس طرا، لقد كان ذلك ولا ريب بلغة مشتركة ارتضاها الناس للتعبير عن عواطفهم السامية، إنها أكيد لغة الشعر الجاهلي و لغة الحكم و الأمثال و الخطب.

وبما أن سوق عكاظ كان القلب النابض الثقافي و التجاري، في شبه الجزيرة العربية قديما، لم يكن مجرد سوق بل كان ملتقى للحضارات ، فكان منارة للأدب و الشعر ، وشهد هذا السوق تنافسا شديدا بين الشعراء، الذين كانوا يتوافدون عليه و إليه من مختلف القبائل العربية لعرض قصائدهم ، لقد كان ساحة مفتوحة للتنافس الشعري، وعرض المواهب، و إبراز المكانة القبلية، وكذا صقل الموهبة الشعرية و تطوير المهارة في الصياغة اللغوية و المعاني، و البلاغة البيانية، سوق عكاظ كان هو المركز الثقافي فيه تنافس الشعراء بإلقاء القصائد التي رفعت مكانة اللغة العربية و الأدب، و فيه أيضا ألقى الخطباء خطبهم المؤثرة التي كان لها دورا هاما في توعية الناس و توجيههم، لقد كان مكانا لتبادل الحكمة و الأمثال مما أغنى الثقافة العربية و عكس تلك الهوية العربية المشتركة و ذاك الثرات الثقافي ، فهو نقطة إلتقاء القبائل العربية مما عزز من تلك الروابط بينهم ، سوق عكاظ أيضا ذلك المركز التجاري، حيث تبادلوا البضائع المختلفة فيما بينهم، مما ساهم في تطور النظام المالي ونشط الإقتصاد ، الذي  عكس التغيير و التطوير لتلك المجتمعات و تلك القبائل العربية .

ومن أشهر الشعراء الذين ارتبطت أسماؤهم بسوق عكاظ

*» شاعر السلم و الحرب ، عمرو بن كلثوم الذي اشتهر بشعره الحماسي الذي يصف بطولات قبيلته بني تميم ، وهو ما يعبر عن انتمائه القبلي العميق و رمز أيضا للفخر القبلي ،كما أنه مدح و وصف أيضا تلك الحياة البدوية .

*»شاعر الحب و العشق، عنثرة بن شداد، الذي اشتهر بقصائده العاطفية التي يصف فيها حبه لعبلة، فقصة حب عنثرة بن شداد تعد من أشهر قصص الحب في الأدب العربي، فهي رمز التغلب على الصعاب و تحقيق الأماني، و كان له أيضا قصائد وصفية و حماسية

*»شاعر السخرية و الهجاء، طرفة بن العبد،الذي اشتهر بقصائده الساخرة و الهجائية لأعدائه، كان يتمتع بذكاء حاد و فطنة شديدة مما جعله رمزا ، وشخصية محبوبة و مكروهة في نفس الوقت، وله أيضا قصائد مدحية و وصفية 

*»شاعر الحكمة و الموعظة، زهير بن أبي سلمى، الذي اشتهر بقصائده الحكمية و المواعظية التي كانت تدعو إلى الفضيلة و الشجاعة ، فهو رمز الحكمة العربية في الأدب العربي، ولا زالت قصائده تدرس لحد الآن 

*»الشاعر المتجول، الأعشى شاعر الوصف و الحب ، اشتهر بقصائده الوصفية، وصف الطبيعة و الجمال ، وكتب في العشق، فكان كثير التجوال بين القبائل مما اكتسبه شهرة كبيرة في ذلك العصر 

سوق عكاظ ساهم بشكل كبير في تطوير اللغة العربية ، بذلك الغنى الصوري و البياني، و بمعاني جديدة من خلال هؤلاء الشعراء، و بذاك الشعر الذي عزز الهوية العربية ،فهو عبر عن الهوية و عن القيم و المبادئ، وكما أنه سجل تاريخ الجزيرة العربية بأحذاثها و شخصياتها ، وهو ما يجعله مكونا لمدرسة شعرية خاصة، و التي أثرت على التراث الشعري، و عززت من الروابط الإجتماعية التي بها حوفظ على هذا الثرات الشعري

سوق عكاظ كان ساحة للكثير من المبارزات الشعرية بالرغم من عدم وجود سجلات كثيرة و تفصيلية عن كل مبارزة شعرية جرت به و فيه، إلا أن هناك بعض القصص و الشواهد التي أشارت إلى ذلك، سوق عكاظ به تأكد مبدأ التحكيم لتلك المعايير المهمة الخاصة بالشعر، من بينها اللغة المستخدمة لأن الشعراء كانوا آنذاك دوما ما يسعون إلى استخدام أرقى الألفاظ و أجمل الصور البيانية و البلاغية، بالمعنى الجيد الذي يحمله القصيد، و الذي يحدد القيمة الفنية التي تعكس الفكر و المعتقد و القيم السائدة لكل قبيلة على حدى، وهذا ما جعل البناء الفني للقصيدة أيضا من العوامل المهمة التي خضع الشعر به لقواعد مضبوطة و قوانين محددة 

يبقى سوق عكاظ مهد الشعر الجاهلي ، ومركز الحضارة العربية و المحفز للإبداع بصقل المواهب، وتدوين الشعر، والقلب النابض الثقافي و التجاري، و منارة الأدب و الشعر، و محدد تلك القواعد الشعرية الذي به تطور النقد الأدبي و ساهم فيه 

أبو سلمى 

مصطفى حدادي.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

انضم الي عائلة جريدة الراصد24

إشترك ليصلك كل مواضيع جريدة الراصد24


إلى أعضاء

إنضم

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد24

2020