بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 16 يناير 2025
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة في الدارين وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، أرسله الله للعالمين رحمة وأنزل عليه الكتاب والحكمة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد يقول الله تعالي " يسألونك عن الخمر والميسر" فهذه الآية الكريمة نزلت في عمر ومعاذ وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم فقيل أنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فنزل قوله عز وجل "يسألونك عن الخمر" وهو كل مسكر مخالط للعقل مغطي عليه، والميسر هو القمار "قل فيهما إثم كبير"
ويعني الإثم بسببهما لما فيهما من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش والزور وغير ذلك "ومنافع للناس" ما كانوا يصيبونه من المال في بيع الخمر والتجارة فيها واللذة عند شربها ومنفعة الميسر ما يصاب من القمار ويرتفق به الفقراء ثم بيّن أن ما يحصل بسببهما من الإثم أكبر من نفعهما فقال "وإثمهما أكبر من نفعهما" وليست هذه الآية المحرمة للخمر والميسر إنما المحرمة التي في سورة المائدة وهذه الآية نزلت قبل تحريمها "ويسألونك ماذا ينفقون" نزلت في سؤال عمرو بن الجموح لما نزل قوله " فللوالدين والأقربين" في سؤاله أعاد السؤال وسأل عن مقدار ما ينفق؟ فنزل قوله "قل العفو" أي ما فضل من المال عن العيال وكان الرجل بعد نزول هذه الآية يأخذ من كسبه ما يكفيه وينفق باقيه إلى أن فرضت الزكاة فنسخت آية الزكاة التي في براءة هذه الآية.
وكل صدقة أُمروا بها قبل الزكاة، كذلك أي كبيانه في الخمر والميسر أو في الإنفاق "يبين الله لكم الآيات" لتتفكروا في أمر الدنيا والآخرة فتعرفوا فضل الآخرة على الدنيا، وإن الخمر يحرم شربها وبيعها وحملها والإعانة عليها بأي وجه من الوجوه، ويقوب قائل جاء لي صديق بزجاجة من الحمور هدية ولكني رفضتها لنفسي ولكن أعطيتها لصدسق غيري، ونقول له قد أحسنت في عدم قبول هذه الهدية الخبيثة ولكنك أخطأت في حملها، وقبولها لغيرك وكان الواجب عليك أن ترفض هذا وأن تبين لهذا المهدي حرمة الخمر وحرمة الإعانة عليها وألا تخشى في الله لومة لائم، والواجب عليك الآن أن تتوب إلى الله تعالى وأن تعزم على عدم العود لذلك أبدا، وعليك أن تنصح صديقك هذا ومن معه ألا يشربوا الخمر وأن يحذروا سوء عاقبتها فإنها أم الخبائث.
وكن حذرا وساعد نفسك والآخرين، ويؤكد تقرير لجنة الأمم المتحدة بأن تعاطي المخدرات وإدمانها لا يعتمد فقط على عوامل إجتماعية أو إقتصادية وإنما يعود إلى أن المدمن له شخصية غير سوية تسعى لتلبية حاجاتها دون تمهل أو تبصر أو اكتراث بما يترتب على هذا السلوك، وكن متمسكا بديننا الحنيف و تذكر قوله تعالى "يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " وكن حريصا في اختيار أصدقائك ومعارفك ولا تقدم على التجربة ، فمجرد البداية قد تعني الإدمان وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " أطلب مشورة الأسرة والأهل والحكماء عملا بقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".