محمود سعي
دبرغش
كثيرًا ما يظن الإنسان أنه يستحق أشياء معينة، فإذا لم يحصل عليها، يشعر بالضجر والغضب ويفقد الرضا. ولكن الحقيقة الأساسية التي يجب أن نتدبرها هي أننا ملكٌ لله، يفعل بنا ما يشاء، وكل ما يفعله إنما هو لحكمة قد لا نعلمها.
مفهوم "إنا لله"
يقول الله تعالى في كتابه الكريم:
> "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ"
(البقرة: 156)
هذا التعبير يُذكّرنا بأننا مملوكون لله، وأن مصائرنا بيده، وما يحدث لنا هو بتقديره وحكمته.
دروس من قصص الأنبياء
سيدنا يونس عليه السلام: عندما ابتعد عن قومه دون إذن من الله، ابتُلي بأن أُلقي في البحر وابتلعه الحوت. في ظلمة بطن الحوت، أدرك خطأه ولجأ إلى الله بالدعاء:
> "فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ"
(الأنبياء: 87)
فاستجاب الله له ونجّاه من الغم.
سيدنا يوسف عليه السلام: رغم براءته، سُجن ظلمًا لسنوات. لكنه صبر واحتسب، وفي النهاية مكّنه الله في الأرض وأصبح عزيز مصر.
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: تعرض للأذى والاضطهاد، وطُرد من مكة، لكنه صبر وواصل دعوته، حتى نصره الله وأعاده إلى مكة فاتحًا.
الحكمة من الابتلاء
الابتلاءات التي تعرض لها الأنبياء لم تكن عقابًا، بل كانت لحِكم إلهية، منها:
التمحيص والتزكية: تنقية النفس ورفع الدرجات.
التعليم والتأديب: تعليم الأمة دروسًا في الصبر والرضا بحكم الله.
تحقيق المقاصد الإلهية: مثل نشر الدعوة وإقامة الحجة على الناس.
الرضا والتسليم
عندما ندرك أننا ملكٌ لله، وأن ما يحدث لنا هو بتقديره وحكمته، نتعلم الرضا والتسليم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
> "عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"
(رواه مسلم)
العوض من الله
الله سبحانه وتعالى لا يبتلي عبده إلا ليعوضه خيرًا، سواء في الدنيا أو في الآخرة. يقول الله تعالى:
> "فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا"
(الشرح: 6)
فلنثق بحكمة الله ولنتعلم الرضا والتسليم، فالعاقبة دائمًا للمتقين.
للمزيد من التأمل في صبر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته على الابتلاءات وثقتهم بالله، يمكنك مشاهدة الفيديو التالي: