تحقيق الغاية بأدني مشقة جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد24 جريدة الراصد24

داخل المقال

جاري التحميل ...

تحقيق الغاية بأدني مشقة جريدة الراصد 24



بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 12 يناير 2025

الحمد لله، الحمد لله بارئ النسم، ومحيي الرمم، ومجزل القسم، مبدع البدائع، وشارعِ الشرائع، دينا رضيّا، ونورا مضيّا، أحمده وقد أسبغ البر الجزيل، وأسبل الستر الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد آمن بربه، ورجا العفو والغفران لذنبه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأتباعه وحزبه صلاة وسلاما دائمين ممتدين إلى يوم الدين أما بعد روي عن الأزرق بن قيس قال كنا على شاطئ نهر بالأهواز قد نضب عنه الماء، فجاء أبو برزة الأسلمي على فرس فصلى وخلى فرسه، فانطلقت الفرس، فترك صلاته وتبعها حتى أدركها، فأخذها، ثم جاء فقضى صلاته، وفينا رجل له رأي، فأقبل يقول انظروا إلى هذا الشيخ، ترك صلاته من أجل فرس، فأقبل فقال ما عنفني أحد منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وقال إن منزلي متراخي، فلو صليت وتركت لم آتي أهلي إلى الليل، وذكر أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم فرأى من تيسيره، لكن فعل أبي برزة يختلف عما يفعله بعض الناس الآن في إختيارهم لما يختارون من الأقوال التي اختلف فيها العلماء، يقول أحدهم لنفسه ما دام الدين يسرا فإنني سأختار ما أراه أسهل عليّ أو على الناس، ثم يبدأ ينظر في الأقوال بهذا المعيار فيقول مثلا قول الحنفية هذا صعب، لكن قول الحنابلة أصعب، أما قول المالكية فسهل، وأسهل منه قول الشافعية، وأسهل من هذا كله قول العالم الفلاني الذي خالفهم جميعا فأنا آخذ به، فإن المنهج الصحيح هو أن يقول الإنسان لنفسه ما دام دين الله كله يسرا فسأختار ما أراه بأدلته أقرب إلى الشرع لأن الأقرب إلى الشرع هو الأقرب لتحقيق الغاية بأدني مشقة، وقد يقول قائل أليس هذا الذي انتقدت منهجه.


متأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أنه ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما؟ يقال له نعم إذا خُيّر كما في قوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو به أذي من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " والتخيير معناه أن كل واحد من الأمور المخيّر فيها يؤدي الغرض المطلوب، لكن بعضها قد يكون أيسر على الإنسان من بعض، فيختاره، لكن ما نحن في صدده لا علاقة له بالتخيير، بل المطلوب فيه معرفة حكم الله تعالى في الأمر الذي إختلفت فيه الأقوال أو الإجتهادات لأنها إذا تناقضت فلا يمكن أن يكون كل واحد منها صحيحا مؤديا الغرض نعم إذا استوت الأدلة ولم يمكن ترجيح بعض الأقوال على بعض، فإن الأخذ بالأيسر يكون منهجا صحيحا، لكن رغم هذا فقد يحدث التعسير في الدين شرعا أو قدرا، ويكون عقابا من الله تعالى لبعض الناس مثال التعسير شرعا.


ما قال الله تعالى فيه كما جاء في سورة النساء " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا " وأما التعسير القدري فيكون بسبب سوء فهم بعض الناس للدين وإلزامهم أنفسهم بما لم يلزمهم به الله تعالى من أنواع العنت وهذا هو الذي يحدث لأناس من هذه الأمة التي إختار الله لها الحنيفية السمحة، وهذا العنت القدري العقابي هو الذي يدعو المسلم ربه أن يعيذه منه، وإن التيسير معلم من معالم وخصائص الشريعة الإسلامية، ومظهر من مظاهرها، وسمة بارزة من سماتها، ووصف ملازم لها، ومنحة إلهية رفغ الله بها شأن هذه الرسالة الخالدة إذ إن المتتبع لأحكام الشريعة الغرّاء في كل أحوالها وجوانبها يلاحظ التيسير نمطا سائدا، وهدفا واضحا بل إننا لا نكون قد تجاوزنا الحد إذا قلنا إن التيسير من المقاصد العليا للشريعة الإسلامية.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

انضم الي عائلة جريدة الراصد24

إشترك ليصلك كل مواضيع جريدة الراصد24


إلى أعضاء

إنضم

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد24

2020