خروج الإنسان من بيته إلى قبره جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد24 جريدة الراصد24

داخل المقال

جاري التحميل ...

خروج الإنسان من بيته إلى قبره جريدة الراصد 24



بقلم / محمـــد الدكـــروري


إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إ لا الله وحده لاشريك له وأشهدأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد إن من أصعب اللحظات وأشدها وأقساها على النفس هو لحظة أن يودع الإنسان عزيزا عليه وحبيبا لديه إلى مثواه الأخير، فالمرء مهما طالت به الأيام وتوالت عليه الشهور والأعوام فإنه لا مفر من رجوعه إلى ربه وعودته إلى مولاه، لكن رجوعه هذا يُعد رجوعا أخيرا، وخروجه من الحياة يعتبر خروجا لا رجوع بعده، فقد يخرج الإنسان من بيته مسافرا إلى بلد ما وإن كان هذا السفر طويلا لكنه يأمل في العودة إلى وطنه، ولقاء أهله وأحبته، وعن الضحاك رضي الله عنه قال. 


لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة إشتاق إلى مكة، فأنزل الله تعالي " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلي معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدي ومن هو في ضلال مبين " أي إلى مكة، فهذا خروج من مكان إلى مكان في الدنيا، أما الخروج الأخير فهو خروج بلا عودة ووداع بغير لقاء وهذا الخروج الأخير يتضمن خروج الروح من الجسد، فحينما يأذن الله تعالى بخروج الروح من الجسد فإن ذلك معناه إنتقال الإنسان من هذه الحياة الدنيا إلى عالم آخر هو عالم البرزخ ولن يستطيع بشر إرجاعها إلى الجسد مرة أخرى، والروح في خروجها من الجسد ليست على شاكلة واحدة ولكن هناك روح طيبة تخرج من الجسد بسهوله ويسر وكما أن هناك روح شريرة تخرج بصعوبة وشده وألم، وكما أن من الخروج هو خروج الإنسان من بيته إلى قبره. 


وبعد أن تخرج الروح إلى بارئها ويغسل المرء ويكفن ويصلى عليه يخرج من بيته خروجا أخيرا لا رجوع بعده فيذهب به إلى قبره، والقبر هو أول منازل الآخرة، وحينما يذهبون به إلى القبر يعود أهله ويبقى معه عمله، فقيل مات الحسن ابن الحسين من أولاد الإمام على ابن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه وكان عنده زوجة وأطفال وكان في الشباب، والحسن ابن الحسين مات فجأة، ونقلوه إلى المقبرة فوجدت عليه امرأته وحزنت حزنا لا يعلمه إلا الله وأخذت أطفالها وضربت خيمة حول القبر، وأقسمت بالله لتبكيا هي وأطفالها على زوجها سنة كاملة، فهذا هلع عظيم وحزن بائس وبقيت تبكي فلما وفت سنة أخذت إطناب الخيمة وحملتها وأخذت أطفالها في الليل، فسمعت هاتفا يقول لصاحبه في الليل هل وجدوا ما فقدوا ؟ هل وجدوا ما فقدوا ؟ فرد عليه هاتف آخر قال لا. 


بل يئسوا فإنقلبوا، وقيل أنه مر رجل مسافر بغلام في صحراء فقال له يا غلام أين العمران فقال له اصعد الرابية تشرف على العمران فصعد فأشرف على قبور فرجع إليه فقال سألتك عن العمران فدللتني على القبور فقال إني رأيت أهل هذه الدنيا ينقلون إلى تلك ولم أري أحدا من تلك ينقل إلى هذه وإنما ينتقل من الخراب إلى العمران ولو سألتني عما يواريك ويواري دابتك لدللتك عليه، وكان الحسن يقول ابن آدم إنك تموت وحدك وتبعث وحدك وتحاسب وحدك، يا ابن آدم لو أن الناس كلهم أطاعوا الله وعصيت أنت لم تنفعك طاعتهم، ولو عصوا الله وأطعت أنت لم تضرك معصيتهم، يا ابن آدم ذنبك ذنبك، فإنما هو لحمك ودمك وإن تكن الأخرى فإنما هي نار لا تطفأ وجسم لا يبلى ونفس لا تموت.

التعليقات

كل ما ينشر علي موقع الجريدة يقع علي مسؤولية كاتب المنشور وليس علي الجريدة اية مسؤولية في ذلك


جريدة الراصد24

إتصل بنا

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

انضم الي عائلة جريدة الراصد24

إشترك ليصلك كل مواضيع جريدة الراصد24


إلى أعضاء

إنضم

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد24

2020