بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد روي عن البراء بن عازب ضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبر، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير وهو يلحد له، فقال صلى الله عليه وسلم "تعوذوا بالله من عذاب القبر" قلنا نعوذ بالله من عذاب القبر، قال صلى الله عليه وسلم " تعوذوا بالله من عذاب القبر " قلنا نعوذ بالله من عذاب القبر، قال صلى الله عليه وسلم "تعوذوا بالله من عذاب القبر " قلنا نعوذ بالله من عذاب القبر، ثم قال صلى الله عليه وسلم " إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه.
كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى يُنتهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين،
وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك ؟ فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك ؟ فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له وما علمك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادى مناد في السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مدّ بصره، ويأتيه رجل حسنُ الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالخير؟ فيقول أنا عملك الصالح كنت والله سريعا في طاعة الله بطيئا عن معصية الله، فجزاك الله خيرا، نعم حقا أيها الإخوة والأخوات.
يقول له أنا عملك الصالح، أنا صلاتك وصومك، أنا برك وصدقتك، أنا بكاؤك وخشيتك، أنا حجك وعمرتك، أنا قراءتك للقرآن، وحبك للرحمن، أنا قيامك في الأسحار وصومك في النهار وخوفك من العزيز الجبار، أنا برك لوالديك، أنا طلبك للعلم، أنا دعوتك إلى الله تعالي، أنا جهادك في سبيل الله عز وجل، فإذا رأى العبد المؤمن هذا الوجه الصبوح يبشره والتفت حوله فرأى قبره قد أصبح واسعا فيه فرش من الجنة ونظر إلى لباسه فإذا هو من الجنة علم أن هذا النعيم لا يساوي شيئا بجانب ما ينتظره في الجنة فيدعوا ربه ويقول رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.