بقلم كابتن طيار :خالد بشير - عضو هيئة مكتب أمانة المهنيين المركزية بحزب مستقبل وطن
على مدار العقود الماضية، لم يكن تهجير الفلسطينيين مجرد حدث عابر في التاريخ، بل هو سياسة ممنهجة تهدف إلى اقتلاع شعب بأكمله من أرضه، وطمس هويته، ومحو وجوده. ومنذ نكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا، لا تزال آلة التهجير والتشريد تعمل بوحشية، دون أن يحرك العالم ساكنًا لوضع حد لهذه الجريمة المستمرة.
النكبة: البداية الأولى للتهجير
عندما احتلت العصابات الصهيونية فلسطين عام 1948، نفّذت عمليات تطهير عرقي واسعة، أدت إلى تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم قسرًا، فيما دُمّرت مئات القرى بالكامل، في محاولة لطمس أي أثر للوجود الفلسطيني. كانت المجازر، مثل دير ياسين وكفر قاسم، أدواتٍ لترهيب السكان ودفعهم إلى الفرار، ليبدأ فصل طويل من المعاناة والتشريد.
الاحتلال المستمر والتهجير القسري
لم يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عند نكبة 1948، بل استمر في تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة عبر وسائل متعددة، أبرزها:
1. هدم المنازل: حيث يتم تدمير منازل الفلسطينيين بحجج واهية، مثل البناء دون ترخيص، رغم أن الاحتلال يفرض قيودًا صارمة على منح التراخيص للفلسطينيين.
2. الاستيطان: توسع المستوطنات غير القانونية، التي تُبنى على حساب أراضي الفلسطينيين، يجبرهم على الرحيل، في ظل تضييق معيشي واقتصادي متعمد.
3. الإجراءات القمعية: مثل الحصار، وفرض القيود على التنقل، والاعتقالات التعسفية، كلها تهدف إلى خلق بيئة طاردة تدفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية.
4. مصادرة الأراضي: يتم الاستيلاء على الأراضي بحجج مختلفة، منها ما يسمى بـ”الأغراض الأمنية”، ليتم منحها لاحقًا للمستوطنين.
التهجير في القدس: معركة الهوية والبقاء
تتعرض مدينة القدس، بصفتها قلب القضية الفلسطينية، لحملة تهجير ممنهجة تستهدف الوجود الفلسطيني فيها. أحياء مثل الشيخ جراح وسلوان تشهد محاولات مستمرة لطرد سكانها قسرًا، بهدف إحلال المستوطنين مكانهم. ورغم القرارات الدولية التي تدين هذه السياسات، يواصل الاحتلال تنفيذ مخططاته دون أي رادع حقيقي.
لماذا نرفض التهجير؟
1. لأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي: يعد التهجير القسري جريمة حرب وفق اتفاقيات جنيف، لكنه يُمارس بشكل ممنهج ضد الفلسطينيين دون أي محاسبة.
2. لأنه محو للهوية الفلسطينية: التهجير ليس مجرد نقل للسكان، بل هو محاولة لإنهاء الوجود الفلسطيني وطمس تاريخه وثقافته.
3. لأنه استمرار للظلم والاحتلال: ما دام الفلسطيني يُجبر على مغادرة أرضه، فإن الاحتلال يبقى واقعًا، والسلام العادل يصبح مستحيلًا.
ختامًا: لا لشرعنة التهجير
إن التهجير القسري للفلسطينيين هو جريمة يجب أن تتوقف، ولن يكون هناك أي سلام حقيقي إلا بعودة الحقوق إلى أصحابها. الدفاع عن الحق الفلسطيني ليس مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، بل هو واجب كل إنسان يؤمن بالعدالة والكرامة الإنسانية. وعلينا جميعًا أن نرفع صوتنا عاليًا: لا لتهجير الفلسطينيين، لا لسرقة الأوطان، ولا لتشريد الشعوب!