بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله، الحمد لله الذي حث عباده على الإعتصام بالكتاب والسنّة، أحمده سبحانه وأشكره ذو الفضل والمنّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أعاذ عباده من شر الناس والجنّة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله قائد المؤمنين ودليل الملة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه في السراء والملمّة أما بعد إن الله تعالي إبتعث محمدا صلى الله عليه وسلم بدين كامل وشريعة تامة فكان أعلم الخلق وأفصح الخلق وأنصح الخلق للخلق صلى الله عليه وسلم ثم لم يقبضه إليه حتى رضي عن بلاغه الوافي وبيانه الشافي فكانت الأمة بعده على الصراط المستقيم والمهيع القويم لا تضل هداتها عن سنته ولا تزيغ بصائرهم عن شرعته كانوا على هذا زمنا حتى أذن الله بإبتلاء هذه الأمة المرحومة وتمييز المؤمنين وإستبانة سبيل المجرمين فنبتت نابتات.
سوء في العصر الأول من الأصحاب فقاموا لله حق القيام وصاروا نجوما في حنادس الظلام ورجوما لكل مبطل وسعوطا لكل مبدل ومن قصد البحر إستقل السواقيا، وعلى آثارهم مشى التابعون ثم الأتباع فتمت القرون المفضلة الثلاثة تماما على الذي أحسن فدونت السنن وحفظت الشريعة وقمع المبتدعون وحورب المشركون ودون العُلى ضرب يدمّي النواصيا، وقامت منارات العلم في حواضر الإسلام بالوحيين تثج وأتتها النفوس الراغبة من كل فج، فقرروا في نفوس الناس عظمة توحيد رب العالمين وخطر ضده من الشرك الذميم وحذروهم من البدع بريد الكفر ومن المعاصي بريد النفاق فأمروهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فأطاعهم الصالحون والعامة ديانة والفسّاق حياء أو مخافة، فمخرت سفينة الإسلام والإيمان البحر بعز وسلام وكرامة وإقدام ورحمة وشفقة.
ولم تزل مُذ سارت تسالم وتسالم وتحارب وتحارب من وفى لها وفت له ومن غدرها أوقعت به ثبت فيها فئام وتساقط منها آخرون تعاون أهلها على حفظها بحفظ الله لها كل على ما يسّر الله له فالعمل للدين قرين الإنتماء إليه، وهذه السفينة هي الإسلام وهي التوحيد وهي السنّة، وهي السلفية وهي إن ركبها الأدعياء، فليس في السلفية الحقة شيء سوى الإسلام وليس من الإسلام الأصيل شيء سواها، فباطنها وظاهرها الإلتزام والدعوة إلى ما كان عليه نبينا صلوات الله وسلامه عليه، بلا وكس ولا شطط مع قبول الإجتهاد المنضبط الدائر مع الدليل حيث دار، فهذا المنهاج السلفي هو عقد نظام الدين الصافي والملة التالدة الخالدة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم " تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك"
وقيل أنه دخل الإمام علي بن ابي طالب المقبرة فسلم على أهلها وقال يا أهل المقابر أما بيوتكم فقد سكنت أما نساءكم فقد تزوجن غيركم أما أموالكم فقد قسمت، فلله المستعان فإن البيت الذي ظللت تبنيه سنين طويله تركته ليسكنه غيرك والزوجة التي عشت معها سنين طويله وربما فضلتها على الأم المباركة هذه الزوجة تزوجت غيرك والمال الذي جمعته من حرام او حلال قسموه بين الورثه، فما أصعب بناء بيت الدنيا وما أسهل بناء بيت الآخرة حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صلى لله اثني عشرة ركعة تطوعا من غير الفريضة بنى الله له بيتا في الجنة" وكما قال صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الاخلاص عشرمرات بنى الله له قصرا في الجنة" وشتان بين بيت اللبن والأحجار وبيت الذهب والفضة وشتان بين بيت بناه البشر وبيت بناه رب البشر .