بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، إن الخوارج هم من يكفرون أصحاب الكبائر، ويستحلون دماءهم، وأموالهم ويخلدونهم في النار، ويرون اتباع الكتاب دون السنة التي تخالف ظاهر الكتاب وإن كانت متواترة ويكفرون من خالفهم، ويستحلون منه لإرتداده عندهم ما لا يستحلونه من الكافر الأصلي، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقا واجبا وقد بيّن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم صفاتهم وأوضحها للناس، ومن ذلك أن رجلا منهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم غنيمة بالجعرانه يا محمد اعدل، قال "ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل، لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل"
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعني يا رسول الله، فأقتل هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية" رواه البخاري ومسلم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" رواه البخاري ومسلم، وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم،
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فإقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة" رواه البخاري ومسلم، وخلاصة الأمر أن التسرع في التكفير له خطره العظيم لقول الله عز وجل كما جاء في سورة الأعراف " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا علي الله ما لا تعلمون " ولما في التكفير وهذا الإعتقاد الخاطئ من إستباحة الدماء وإنتهاك الأعراض، وسلب الأموال الخاصة والعامة، وتفجير المساكن والمركبات، وتخريب المنشآت، فهذه الأعمال وأمثالها محرّمة شرعا بإجماع المسلمين لما في ذلك من هتك لحرمة الأنفس المعصومة، وهتك لحرمة الأموال، وهتك لحرمات الأمن والإستقرار، وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم.
وغدوّهم ورواحهم، وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها، وقد حفظ الإسلام للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم، وحرّم إنتهاكها، وشدد في ذلك، وكان من آخر ما بلغ به النبي صلى الله وعليه وسلم أمته فقال في خطبة حجة الوداع " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا" ثم قال صلى الله وعليه وسلم " ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد " رواه مسلم، فاللهم صلي علي محمد عبده ورسوله الذي أرسله رحمة للعالمين وقدوة للعالمين، وأرسله بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وأمده بملائكته المقربين وأيده بنصره وبالمؤمنين، وأنزل عليه كتابه المبين، وأفضل من صلى وصام وتعبد لربه وقام ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام.