بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد إن من أنواع الخروج هو خروج الإنسان من قبره إلى أرض المحشر للحساب، فبعد إنتهاء مرحلة البرزخ ينادى المنادي للخروج إلى أرض المحشر والمنشر للحساب، ويقول سلمان الفارسي أضحكني ثلاث مؤمل للدنيا والموت يطلبه وغافل لا يغفل عنه وضاحك بملء فيه لا يدري الله راضي عنه أم ساخط، وأبكاني ثلاث فراق الأحبة محمد وصحبه وهول المطلع يوم القيامة.
ووقوفي بين يدي الله تعالي لا أدري الله راض عني أم ساخط، وها هو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يبكي ذات يوم فتبكي زوجته ويبكي أولاده لماذا يا عمر قال تذكرت منصرف الناس يوم القيامة فريق في الجنة وفريق في السعير، وقيل أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها والنبي صلى الله عليه وسلم نائم في حجرها تذكر الآخرة فتبكى فتسقط دمعات على جبين النبي صلى الله عليه وسلم فيقول ياعائشه ما الأمر قالت يا رسول الله تذكرت يوم القيامة فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم " في ثلاث مواطن والذي نفسي بيده لا يذكر الإنسان إلا نفسه عند الصراط حتى ينظر أيعبر الصراط أم يسقط في النار وعند الميزان حتى ينظر العبد أيخف ميزانه أم يثقل وعند تطاير الصحف حتى ينظر العبد أيأخذ كتابه بيمينه أم بشماله"
وروي عن المقداد بن الأسود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تدني الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، قال سليم بن عامر فوالله ما أدري ما يعني بالميل ؟ أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين، قال فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما قال وأشار رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده إلى فيه" رواه مسلم، ثم هناك الخروج الذي ليس بعده خروج وهو خروج الإنسان من أرض المحشر بعد الحساب والجزاء إما إلى جنة وإما إلى نار كما يشاء العزيز الغفار، وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
" إذا دخل أهل الجنة الجنة، ينادي إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبئسوا أبدا" رواه مسلم، فهناك بعد هذا الخروج من يهتك ستره ويفضح، وهناك من يستر عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر، وللآخر النكير، فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول ما كان يقول هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال نم، فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه،
حتى يبعثه الله تعالي من مضجعه ذلك، وإن كان منافقا قال سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله، لا أدري، فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض التئمي عليه، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذبا، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك" رواه الترمذي، وقوله صلي الله عليه وسلم "فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه " صريح في ذلك.