بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إنه بلا شك من أعظم ما يفرق الأمة هي المحدثات والبدع والأهواء والإعجاب بالرأي والإعراض عن الكتاب والسنة وأمراض القلوب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا ومؤكدا أهمية الإجتماع وخطر الفرقة والإختلاف " إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويكره لكم ثلاثا، قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال" رواه مسلم، ومن تأمل حديث الإفتراق أصابه الوجل أن لا يكون من الفرقة الناجية وهي التي قد حُدت معالمها بنص الحديث على من كان على مثل ما عليه رسوله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم.
" افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة" رواه أحمد "وفي رواية للطبراني "ما أنا عليه اليوم وأصحابي" وإن المتتبع لكلام الأئمة وكبار العلماء على مختلف المذاهب يتأكد لديه العلم بإتفاقهم على أصول الدين بحمد الله تعالى وعندهم من الوضوح في العقيدة والتشديد في الإنكار على المبتدعة والبراءة من الرأي المخالف للدليل الكثير وقد ينقل عن قلة منهم ما يناقش فيه وإلا فجلهم على جادة مستقيمة وقد كتب العلماء في ذلك وبينوه ولما كتب شيخ الإسلام رسالته الشهيرة الواسطية وحاكمه خصومه وبعضهم قضاة سوء، فقالوا له قل هذه عقيدة إمامك أحمد بن حنبل حتى نعدّها مما يسوغ فيها الخلاف بزعمهم فقال بكل ثبات وقوة.
بل هي دين الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم ليس لأحمد ولا لغيره إختصاص بها، وأمهل كل من خالفه فيها ثلاث سنين ليثبتوا مخالفتها للقرآن والحديث فلمّا لم يفلحوا إستقرّت مصداقيتها عند المنصفين، وانظر قصة محاكماتهم ومناظراتهم له ومراسلاته لتلاميذه في مجموع فتاويه، وقال شيخ الإسلام رحمه الله مبيّنا الإتفاق على أن مذهب السلف متفق على صحته وسلامته "لا عيب على من أظهر مذهب السلف وإنتسب إليه وإعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا " فيقول الإمام يا عباد الله، لا تطيعوني، ولا تفكروا، واسألوا أهل العلم من كل مذهب، عما قال الله ورسوله وأنا أنصحكم لا تظنوا أن الإعتقاد في الصالحين، مثل الزنا، والسرقة، بل هو عبادة للأصنام، من فعله كفر، وتبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيا عباد الله تفكروا، وتذكروا والسلام" وقد كتب الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رسالة طويلة ضمّنها فصولا نفيسة عن نماذج من أكابر أئمة المذاهب الأربعة يقررون فيها كفر من فعل بعض الأمور وردته عن الإسلام حتى وإن تلفظ بالشهادتين وانتسب إلى الإسلام وعمل ببعض شرائع الدين وأن هذا لا يمنع من تكفيره وقتله وإلحاقه بالمرتدين" كما ذكر الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن أمثلة لجمع من علماء المذاهب الأربعة ونقل كلامهم في إنكار الشرك والبدع مع أمثلة على الشركيات في زمانهم وقال " إنا لا نقاتل إلا على ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان بعد التعريف إذا عرف ثم أنكر فنقول أعداؤنا معنا على أنواع وذكرها"
وقد قال الشيخ عبدالله بن إبراهيم لتلميذه الإمام المجدد أتريد أن ترى السلاح الذي أعددته للمجمعة؟ قال نعم فأراه حجرة مليئة بالمجلدات وقال بهذه، فالعلم بدليله الصحيح ودلالته الصريحة هو قطب رحى الدعوة السلفية، فهم السلف المهدي من كل أمة وهم خير من صلّى وزكّى وكبّرا.