كيف نحكم على الإنسان؟ جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد24 جريدة الراصد24

داخل المقال

جاري التحميل ...

كيف نحكم على الإنسان؟ جريده الراصد24

 

كيف نحكم على الإنسان؟ جريده الراصد24

محمود سعيدبرغش 


الحكم على الإنسان هو موضوع يشغل العديد من الناس، ويتأثر بالعديد من العوامل التي تختلف من شخص لآخر. في الإسلام، يُحث المسلم على أن يكون حكمه على الناس متوازنًا ومبنيًا على معايير عادلة ومتزنة، بعيدًا عن التسرع أو الاستعجال في إصدار الأحكام. من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية، نجد أن الإسلام يوجهنا إلى كيفية الحكم على الأشخاص بطرق تحافظ على العدالة والإنصاف.


1. النية أساس الحكم:


من أولى المبادئ التي يعلمنا إياها الإسلام في الحكم على الآخرين هو الاهتمام بالنية. قال الله تعالى في كتابه الكريم:

"وَمَا تَكُونُ لَنَا أَنْ نُدْنِيَهُ إِلَّا بِمَا رَحِمَتِ رَبِّكَ" (الأنعام: 18).

هذه الآية تشير إلى أن النية الطيبة والنية الصادقة هي ما يحدد قيمة العمل في نظر الله تعالى، حتى لو كانت الأفعال نفسها قد تبدو غير كاملة أو غير متقنة.


وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى." (رواه البخاري).

هنا نجد أن الحديث الشريف يركز على النية باعتبارها من أهم العوامل التي تقيم العمل وتصنفه في ميزان الله. ومن هنا، فإن الحكم على شخص ما يجب أن يبدأ بفهم نواياه ومقاصده.


2. التصرفات والسلوكيات:


في الإسلام، يُعتبر السلوك الخارجي والتصرفات هو المقياس الثاني الذي نستطيع من خلاله تقييم الإنسان. فالشخص الذي يُظهر صدقًا وأمانة في معاملاته يكون أقرب إلى العدالة في حكمنا عليه، بينما من يظهر سلوكًا غير مستساغ أو تصرفات غير لائقة، قد نُعيد النظر في تقديرنا له.


قال الله تعالى في القرآن الكريم:

"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ..." (الحجرات: 10).

هذه الآية تشير إلى ضرورة الإصلاح بين الناس وترك التصرفات التي تثير الفتن أو الأذى. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من لا يُؤثِر الناس فلا يُؤثَر."

إذًا، سلوك الشخص في علاقاته مع الآخرين هو معيار آخر مهم جدًا للحكم عليه.


3. العدالة في الحكم:


الإسلام يفرض علينا العدالة في الحكم على الأشخاص، والتأكد من أننا لا نحكم على الآخرين استنادًا إلى ظواهرهم فقط، بل نبحث بعمق أكبر لفهم دوافعهم وأفعالهم. يقول الله تعالى:

"وَلَا تَحْسَبُوا الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (آل عمران: 169).

الآية الكريمة تذكر أن الإنسان قد يظهر في ظاهره شيء معين، ولكن الله يعلم حقيقة ما في القلوب، وأن الحكم النهائي لله سبحانه وتعالى.


وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف:

"إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث." (رواه مسلم).

هذا الحديث يحثنا على توخي الحذر وعدم إصدار الأحكام بناءً على الظنون أو الشكوك.


4. التعامل مع الخطأ:


من المهم أيضًا في الحكم على الإنسان أن نأخذ في الاعتبار أن الجميع قد يخطئون. الإسلام يعترف بوجود البشر في حالة من الضعف، ولذلك فإن التوبة والتراجع عن الأخطاء أمر وارد. في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون." (رواه الترمذي).

هذه التوجيهات تعلمنا أن الخطأ ليس نهاية الطريق، بل يمكن أن يكون فرصة للتوبة والإصلاح.


5. العناية بالعدل والإنصاف:


يحث الإسلام على العدل والإنصاف في الحكم على الآخرين، بعيدًا عن الانحياز أو التحيز. قال الله تعالى:

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا." (المائدة: 8).

الآية الكريمة تشير إلى ضرورة أن نكون عادلين حتى مع أولئك الذين قد لا نحبهم أو نختلف معهم.


الخاتمة:


إن الحكم على الإنسان يجب أن يكون مبنيًا على معايير عادلة، تعكس قيم الإسلام في الصدق والعدل والمساواة. من خلال النظر إلى نوايا الإنسان، تصرفاته، وسلوكياته، نتعلم كيفية الحكم عليه بشكل صحيح. ولكن يجب أن نعلم أن الحكم النهائي يعود إلى الله سبحانه وتعالى، وأنه هو الأعلم بما في القلوب.

التعليقات

كل ما ينشر علي موقع الجريدة يقع علي مسؤولية كاتب المنشور وليس علي الجريدة اية مسؤولية في ذلك


جريدة الراصد24

إتصل بنا

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

انضم الي عائلة جريدة الراصد24

إشترك ليصلك كل مواضيع جريدة الراصد24


إلى أعضاء

إنضم

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد24

2020