بقلم:محمد حسني محمود
في لحظة صمت بين فنجان قهوة ونَفَسٍ مُستنزف، جالت في بالي فكرة: لماذا نشعر أحيانًا أن كل شيء ينهار من الداخل، رغم أن منظر الحياة من الخارج يبدو ثابتًا مثل شجرة تين قديمة؟ لماذا نجد صعوبة في الرضا بما نملك، ونقارن أنفسنا بالآخرين حتى لو كنا في غنى عما لديهم؟ هل هي العادات الثقافية والاجتماعية التي تغذي هذه المقارنات التي تُثقل كاهلنا وتُطفئ شمعات الرضا في قلوبنا؟
المقارنة ليست دائمًا سيئة، ذلك صحيح... ولكنها، عندما تمر من كونها وسيلة للتطور إلى نوع من جلد الذات، تتحول إلى عدوٍ خفي ينسل إلى داخلنا. تُفسد علاقاتنا، تُنغص فرحتنا، وتخلق صراعات في داخلنا، مثل غضب غير مبرر، وتذمر، وربما بعض كراهية محسودة تجاه الأمور التي ليست بالضرورة تستحق كل هذا.
هل فكرت يومًا؟ حتى الحب الزائد قد ينقلب على صاحبه... حين نحب بحد التعلق، نزرع بذور خيبة الأمل في قلوبنا، وعندما لا تُروى هذه البذور، تنبت كراهية جاحدة. وماذا عن الإعجاب؟ يُمكن أن يكون مجرد لحظة مؤقتة من الترقب أو خيالًا نسجناه في أذهاننا، وعندما ندرك زيفه، نجد أنفسنا نبتعد دون أن ندرك أننا كنّا نُعجب بصورة، لا بشخصٍ حقيقي. تعب العقل أشد من تعب الجسد، وعندما يجتمع هذا التعب مع قسوة المقارنة... تصبح النفس مُرهقة، ويضطرب كل شيء من حولنا.فلنعد إذن إلى البساطة، إلى الرضا، ولنفكر في داخل أنفسنا بدلاً من إضاعة الوقت في التحديق في حياة الآخرين. فلعل في هذا السلام، شفاءً لما أفسدته تلك المقارنات.