الأعمال وتفاضلها في القلوب. جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

الأعمال وتفاضلها في القلوب. جريده الراصد24

 

الأعمال وتفاضلها في القلوب. جريده الراصد24

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الاثنين الموافق 26 أغسطس 2024

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد، إن من يتتبع سير الأنبياء يرى أنهم ما عطلوا الأسباب وما ركنوا إلى التواكل بل نجدهم رغم أن الله عز وجل أيدهم بالمعجزات الخارقات إلا أنهم سارعوا إلى الأخذ بالأسباب، ومن قلب صفحات الأوائل الأجلاء يجد أنهم كانوا في قمة الإيمان، وحسن التوكل على الخالق، والعلم بسنن الله الجارية، لذا لم يهملوا الأخذ بالأسباب وقت التحديات، وتربص الأعداء بهم من كل حدب وصوب، بهذا يكون قد علم الإسلام المسلم كيف يثبت وكيف يحتفظ بهذا الثبات وتلك القوة قبل النصر وبعده. 


بأن يخطط ويدرس ويتعلم ولا يتوقف أبدا وهذا رجل من الصالحين وهو ذو القرنين قد مكّن الله له في الأرض غربها وشرقها، فنشر فيها السلام، وكان مثالا في تفوق الصناعة إذ تمكن من بناء سد ‏من قطع الحديد، فحال به بين قبائل يأجوج ومأجوج، فكان سدا عظيما لم يشهد له التاريخ مثيلا، ويقول فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة الله عليه في هذا "وهذا يدلنا على أن القوي يجب أن يعين الضعيف معونة لا تحوجه له مرة أخرى لذلك يقال لا تعط الجائع سمكة ولكن علمه أن يصطاد السمك ليعتمد على نفسه بعد ذلك، وهذه هي المعونة الصحيحة، ولذلك نجد أن ذا القرنين رفض أن يأخذ مقابلا لبناء الردم لأن مهمة الأقوياء في الأرض من أصحاب الطاقة الإيمانية أن يمنعوا الظلم بلا مقابل حتى يعتدل ميزان الحياة لأن الضعيف قد لا يملك ما يدفعه للقوي.


ولو أن كل قوي أراد ثمنا لنصرة الضعيف لاختل ميزان الكون وطغى الناس، ولكن الأقوياء في عالمنا يريدون أن يظلموا بقوتهم لذلك يختل ميزان الكون الذي نعيش فيه، ولننظر إلى تفويض الله لذي القرنين، وكيف أحسن الحكم بين الناس، وأقام العدل فيهم وكيف ترصد الظالمين" وقال الإمام ابن القيم رحمه الله فالأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها وإنما تتفاضل بتفاضلها في القلوب فتكون صورة العملين واحدة وبينهما من التفاضل كما بين السماء والأرض، قال ومن تأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ويقابلها تسعة وتسعين سجلا كل سجل منها مد البصر تثقل البطاقة وتطيش السجلات فلا يعذب صاحبها، ومعلوم أن كل موحد له هذه البطاقة وكثير منهم يدخل النار بذنوبه لقلة إخلاصه في توحيده لربه تبارك وتعالى، ومن هذا أيضا حديث الرجل الذي سقى الكلب.


وفي رواية بغي من بغايا بني إسرائيل أي زانية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي قد بلغ مني فنزل البئر فملا خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له" قالوا يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا، فقال صلي الله عليه وسلم "في كل كبد رطبة أجر" متفق عليه، وفي رواية البخاري "فشكرالله له فغفر له فأدخله الجنة" فقد ترى أن العمل بسيط لكن خالط من العمل الإخلاص الشيء الكثير، ومن هذا ما رواه الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين".

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020