إياكم والقدر المذموم جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

إياكم والقدر المذموم جريدة الراصد 24



بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 29 سبتمبر 2024

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم أما بعد كيف لا تمتثل الروح البشرية الصبر والمصطفى إمام الصابرين؟ يوم أن عودي وأوذي وشتم وضرب ما كان متدرعا إلا بدرع الصبر لأنه إمام الصابرين، فصبر على بريق المناصب والأموال وشهوة الرئاسة والملذات ومحنة الطائف خير شاهد على ذلك، ثم كان موته صلي الله عليه وسلم خير دروس الصبر لصحابته رضي الله عنهم، فما أعظم من مصيبة النفس بموت النبي صلى الله عليه وسلم وهي تعيش معه، لاتصدق بأن الفراق مع الحبيب وهو خير من خلق الله واقع ابدا، لكنه وقع بالفعل لتهون المصائب بعده كلها. 


وهذا هم آل البيت رضي الله عنهم كان للصبر حقيقة في أفئدتهم، وكان في كل شيء للصبر محل، فهل من صابرة اليوم على فقر زوج، وقلة مال، وخصوصا في هذه الأيام المتسارعة للذائذها الأنفس الضعيفة؟ وألا تغمر القرائح صبر الحسين رضي الله عنه وما حدث له من البلاء؟ لكن الألباب القوارح لها في أولئك الصادقين أسوة، فرضي الله عنهم جميعا، وإن المسلمين الأوائل قد كسبوا المعركة بالنصر، أو الموت فيها دون الظفر بها، وهو حسن كذلك، لأن ما عند الله من مثوبة محفوظ مضمون، أما الذين لا دين لهم فهم إن إنتصروا أو إنهزموا بين عذابين، آجل أو عاجل، وهذا موقف المؤمنين بالأقدار يتّسم بالقوة والتحدي، ولا شائبة فيه غير أن كثيرا من الناس يجهلون هذه الحقيقة أو يجحدونها، ويباشرون أعمالهم وهم يحملون بين جوانبهم هموما مقيمة، ومشاعر عقيمة. 


وهم لا يجزعون من أحزان تصيبهم فحسب، بل يجزعون من أحزان يتوقعونها، ويفترضون أن المستقبل قد يرميهم بها، واذا اشتدت البلوى تخفف بالرضا عن الله تعالي، فقد فاز الرضيّ المراقب، وكم نعمة مقرونة ببلية على الناس تخفى والبلايا مواهب، وإن كان العبد راضيا ام لا، فلا خروج للعبد عما قدره الله عليه، فلو رضي بإختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور، ملطوف به، وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به، ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه في المقدور العطف عليه، واللطف فيه فيصير بين عطفه ولطفه، فعطفه يقيه ما يحذره ولطفه يهون عليه ما قدر له، وعادة ما تصاب الاسر المؤمنة بمصيبة الموت ومصائب اخرى، والبعض يقلّ إيمانه فيعتلي جزعه ويسخط، فيقع بأمور حرّمها الشرع الحنيف، ومنها النياحة، والدعوى بدعاء الجاهلية. 


وشق الجيوب، وضرب الخدود، ورفع الصوت عند المصيبة، والويل والدعاء به، والنعي المحرم، فالنياحة على الميت من أمور الجاهلية، وكذا الإسعاد وهو المعونة على النياحة والإجتماع لاجلها، وكانوا ايضا الجاهليون، يرسلون بخبر الميت على أبواب الاحياء والأسواق، أو يركب المخبر على دابة ويصيح في الناس وهذا ما يدعى بالنعي وهو النوع المحرم خصوصا اذا كانت الدعوة بنياحة النائح، وكل هذه الافعال حرّمها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي أرشد فيه أمته، وكله كان لصلاح ديننا ودنيانا، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" متفق عليه، فاللهم فارج الهموم، كاشف الغموم سامع النجوى رافع البلوى يا من عز جاره، وجل ثناؤه وتقدست أسماؤه، يا غياث الملهوفين ويا رجاء المنقطعين ويا راحم المستضعفين ارزقنا الصبر على البلاء والرضا بمرّ القضا واملأ قلوبنا أنسا بذكرك وطمأنينة بوعدك.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020