الحزن لا ينافي الصبر جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

الحزن لا ينافي الصبر جريدة الراصد 24



بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأحد الموافق 29 سبتمبر 2024

الحمد لله رفع السماء بلا عماد، وبسط الأرض فكانت نعم المهاد، أحمده جل شأنه وأشكره أتم نعمته على العباد، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إليه المرجع والمعاد وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب الأمجاد، وعلى من سار على درب الهدى يبتغي الرشاد أما بعد، إن الحزن لا ينافي الصبر، فقد جاء في صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فائتنا فأرسل يقريء السلام ويقول إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبي ونفسه تتقعقع. 


قال حسبته أنه قال كأنها شن ففاضت عيناه فقال سعد يا رسول الله ما هذا ؟ فقال " هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" والحذر الحذر من الجزع عند نزول المصيبة فإنها علامة سوء وآية من آيات الخذلان واعتراض على الرب جل وتقدس ومن مظاهر الجزع والتسخط على قضاء الله وقدره هو النياحة على الميت والصراخ والعويل وشق الجيوب ولطم الخدود ونحو ذلك مما هو من طباع أهل الجاهلية، وثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية " وجاء في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " 


فالصبر الصبر عباد الله فهو المربح والنجاة، وإذا تكالبت عليك الهموم وأحاطت بك الأحزان والغموم، فيمم وجهك للحي القيوم وبث الشكوى إليه فهو السامع لكل شكوى العالم بكل نجوى، وإن هذا الصبر هو لدى النفوس الكبيرة، المتعالية على مصائب الدهور، فتعود بعد قذفها بشبهة العجز من قبل، إلى حقيقة القدرة في أجمل رؤى، فيكون إشتماله على الخير محاطا به من كل جوانبه وفي كل لحظاته، وهذا الامر ليس مختصا بموت الزوج أو الزوجة كما ظن البعض، وإنما بكل مصيبة تلمّ النفس، ويؤكده حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي، فيقولون نعم، فيقول قبضتم ثمرة فؤاده، فيقولون نعم، فيقول ماذا قال عبدي ؟ فيقولون حمدك واستجرع، فيقول الله إبنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد" رواه الترمذي.


ولا يجني أحد ثمارا كهذه الإ بتحقيق شروطها ليكون الصبر فيها اعلاه وارقاه، فأول هذه الشروط هو الإخلاص لله تعالى في الصبر لله وحده، لا تحرجا من أن يقول الناس جزعوا، ولا تجملا ليقول الناس صبروا، ولا رجاء في نفع من وراء الصبر، ولا دفعا لضر يأتي به الجزع ولا لهدف واحد غير إبتغاء وجه الله تعالي، والصبر على نعمته وبلواه هو صبر التسليم لقضائه والإستسلام لمشيئته والرضى والإقتناع، وثاني شروطه هو عدم الشكوى من الله لعباده وبهذا أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال، قال الله تعالى "إذا ابتليت عبدي المؤمن ولم يشكني إلى عواده أطلقته من أساري ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ثم يستأنف العمل" رواه الحاكم.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020