الإنسان هو الأساس رؤية جديدة لنهضة حقيقية. جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

الإنسان هو الأساس رؤية جديدة لنهضة حقيقية. جريده الراصد24

 


الإنسان هو الأساس رؤية جديدة لنهضة حقيقية. جريده الراصد24

بقلم :  محمد عبدالمجيد هندي
 


ما زلنا نعيش صدى كلمات الزعيم جمال عبد الناصر، التي صدحت بها روحه ولامست وجدان الأمة، حين قال: "إن بناء الإنسان أهم من بناء أي مشروع اقتصادي." هذه الكلمات ليست مجرد شعار عابر أو قول يتردد على الألسن، بل هي ركيزة صلبة، وأساس لا يمكن تجاهله في بناء الأمم. فكل نجاح حقيقي يبدأ من الإنسان، إذ يشكل عصب كل مشروع، وركيزة كل نهضة. إن أي تقدم اقتصادي أو اجتماعي لن يحقق هدفه ما لم ينهض هذا الإنسان ويشارك بفعالية في صناعة مستقبله ومستقبل وطنه.


إن النصر، كما قال عبد الناصر، هو "عمل، والعمل حركة، والحركة فكر، والفكر فهم وإيمان". وهذه المقولة تلخص المسار الذي يجب أن نتبعه إذا أردنا نهضة حقيقية لا تقف عند حدود الإنجازات المادية، بل تنبع من أعماق المجتمع وتحقق تطوراً في الروح والوعي.


أهمية بناء الإنسان في مواجهة تحديات العصر


إن بناء الإنسان ليس مشروعاً بسيطاً، بل هو عملية طويلة وشاقة تبدأ من توفير التعليم الحقيقي، وتعزيز قيم العمل والإبداع، وتكريس ثقافة المسؤولية والانتماء. في عصرنا هذا، حيث تعصف بنا تحديات اقتصادية وسياسية من كل جانب، لا بد أن ندرك أن قوتنا الحقيقية لا تكمن في الموارد أو الثروات المادية وحدها، بل تكمن في القدرة على الاستثمار في الفرد ليكون مواطناً فعّالاً ومنتجاً، يحمل على عاتقه أمانة وطنه وشعبه.


وكرئيس لمجلس قومي للعمال والغلاحين تحت التأسيس ، أرى أن العامل والفلاح هما اللبنة الأولى في هذا البناء؛ هما القلب النابض للأمة وروحها الحية. ومع ذلك، نجد أن دورهما غالباً ما يتم تهميشه أو التقليل من أهميته، رغم أن نجاح الاقتصاد واستقراره يتوقف على كفاءة العمال ونشاطهم ووعيهم بدورهم الفعّال.


ضرورة وضع الإنسان في قلب السياسات التنموية


إن النهج الحالي الذي يتبع سياسات تعتمد على المساعدات الدولية أو الاقتراض من صندوق النقد الدولي، لا يخدم مصلحة الوطن على المدى البعيد. فهو يحصر جهود التنمية في مشاريع مادية دون أن يمنح الاهتمام الكافي لتأهيل الإنسان وتطويره. فإذا كانت الحكومة تعتزم بناء مصانع أو منشآت ضخمة، فإن هذا لن يحقق النجاح المطلوب ما لم يكن لدينا جيش من العمال المدربين والمؤهلين لقيادة هذه المشاريع. وهنا، يجب أن نعيد النظر في أساليب التعليم والتدريب، لنركز على بناء كوادر مهنية قادرة على تنفيذ خطط التنمية الوطنية بروح وطنية عالية.


المسؤولية العمالية في قيادة النهضة


كقيادي عمالي، أرى أن مسؤولية المجلس والاتحادات والنقابات لا تنحصر في الدفاع عن حقوق العمال في الأجور أو ظروف العمل فقط، بل تتجاوز ذلك لتشمل دوراً أكبر في رسم ملامح الوطن. نحن لا نقبل أن نكون مجرد عمال يؤدون أدواراً محدودة، بل نؤمن بأننا شركاء حقيقيون في تحقيق رؤية الوطن وتحقيق الاستقلال الاقتصادي. وهذا يتطلب منا أن نبني جيلاً من العمال الواعي بحقوقه وواجباته، المدرك لتحديات واقعه، والقادر على تقديم الحلول وليس فقط المطالبة بالحقوق.


الاستثمار في العامل والفلاح أساس لمستقبل قوي


إن الدول التي نجحت في بناء اقتصاد قوي ومستدام هي تلك التي أولت عناية خاصة للعامل والفلاح، واعتبرتهم شركاء حقيقيين في عملية التنمية. لذا، علينا أن ننظر إلى هذه الفئة بعين التقدير، وأن نوفر لهم البيئة الملائمة للتعليم والتدريب والتطوير، لنرتقي بهم وباقتصادنا إلى مستوى أرقى وأكثر استدامة.


العمال والفلاحون ليسوا مجرد أدوات في آلة الإنتاج، بل هم الأساس الذي تبنى عليه الأمم. ومن هنا، ينبغي أن نعيد النظر في سياساتنا ونوجهها نحو تمكين هذه الفئة من العيش بكرامة، والعمل بروح عالية من الإيمان بقيمة ما يقدمونه لأوطانهم. نحن بحاجة إلى إرساء سياسات وطنية تدعم بناء الإنسان وتستثمر فيه، لنضمن أن تكون التنمية شاملة ومستدامة تعكس طموحات المجتمع وتخدم مصالحه الحقيقية.


خاتمة: نحو بناء الإنسان كأولوية وطنية


إن بناء الإنسان هو المشروع الذي يجب أن يكون على رأس أولوياتنا، فبدونه ستظل إنجازاتنا قاصرة ولن تحقق أمل الأمة. علينا أن ندرك أن تطلعاتنا نحو نهضة اقتصادية واجتماعية لن تتحقق دون أن نضع الإنسان في قلب هذه المعادلة. فالكرامة الوطنية، ورفعة المجتمع، واستقلال القرار، كلها تبدأ من بناء إنسان واعٍ، قادر، ومؤمن بدوره الحقيقي في بناء وطنه وحمايته.


ختاماً، علينا أن نجدد العهد بأن نجعل بناء الإنسان ركناً أساسياً في سياساتنا التنموية، وأن نضع رفاهه وتعليمه وتطويره هدفاً لا نحيد عنه. فهذا هو الطريق نحو تحقيق نهضة حقيقية، تكفل لنا قوة وطنية راسخة تستمد جذورها من الشعب، وتبني مستقبلها على أساس متين من العمل والإيمان.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020