متابعة عادل شلبى
وفقاً لقواعد الاشتباك النووي في الحروب، فإن الدول المالكة للسلاح النووي، لا يجوز لها استخدامه، إلا في حال تعرضها لتهديد لعمق الدولة نفسها، بما يعد تهديداً مباشراً لأمنها القومي.
ولقد تابعنا خلال العامين الماضيين، الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت على خلفية إعلان أوكرانيا قرارها بالانضمام إلى "حلف شمال الأطلنطي"، أو "حلف الناتو"، وهو ما عارضته روسيا، لرفضها وجود قوات الحلف على حدودها مع أوكرانيا، وعلى أمام إصرار أوكرانيا على المضي قدماً في تنفيذ قرارها، هاجمتها روسيا بعمليات عسكرية، تُصنف في إطار الحرب التقليدية، أو Conventional Warfare، وعلى هذا الأساس، تركزت أعمالها القتالية، منذ بدء الحرب، داخل الأراضي الأوكرانية.
ومن منطلق الدراية التامة بقواعد الاشتباك في الحروب النووية، فقد كان إصرار الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو، على أن يكون دعم أوكرانيا بالسلاح، مشروطاً بعدم مهاجمة العمق الروسي. ولعلنا نتذكر دعم أوكرانيا بمدافع الهيمارس، ذات المدى الطويل، الذي يصل لنحو 90 كيلو متر، والتحذير الواضح الصادر من الولايات المتحدة، بعدم استخدام ذلك السلاح لضرب العمق الروسي، وإلا استخدمت حقها في استخدام السلاح النووي، ضد أوكرانيا، وهو ما سيحول القتال لحرب نووية في أوروبا.
إلا أننا فوجئنا، منذ بضعة أيام، بقرار الرئيس الأمريكي، الحالي، جو بايدن، بالسماح لأوكرانيا باستخدام السلاح الأمريكي في ضرب العمق الروسي، وهو ما أثار إدارات، وشعوب، كافة دول العالم، لعلمهم بعواقب ذلك القرار، الذي ينطوي تنفيذه على تحويل القتال من حرب تقليدية، محدودة النطاق من حيث العمليات العسكرية، وإن خيمت آثارها الاقتصادية على معظم دول العالم، إلى حرب نووية، عالمية، تمتد عواقبها على الجميع، دون استثناء، أو تمييز.
فإن استخدام قذيفة مدفعية واحدة، داخل العمق الروسي، كفيل بتفعيل حق الأخيرة في استخدام سلاحها النووي، للرد والدفاع عن أمنها القومي، حتى وإن اقتصر ذلك الرد على مهاجمة أوكرانيا بقنبلة نووية تكتيكية، سواء باستهداف أحد مدنها الرئيسية، أو ميناء أوديسا، الذي أظن أن روسيا ستستهدفه، حينئذ، وما سيعقب ذلك من انبعاثات نووية، لن تنحسر في النطاق الجغرافي لأوكرانيا، وإنما ستمتد إلى أوروبا، وربما تتخطاها.
مما لا شك فيه، أن قرار استخدام السلاح النووي يخضع للكثير من الحسابات المعقدة؛ سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، إلا أن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد مباشر لأمنها القومي، وهو ما يزيد الأمور تعقيداً أمام ترامب، الذي وعد بإنهاء تلك الحرب، فور توليه المسؤولية. فهل اتخذ جو بايدن هذا القرار، اتباعاً لسياسة "الأرض المحروقة"، لإحراج ترامب قبل توليه المسؤولية يوم 20 يناير القادم؟