الإنتصار على النفس لذة العظماء جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

الإنتصار على النفس لذة العظماء جريدة الراصد 24


بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : ال


خميس الموافق 21 نوفمبر 2024

الحمد لله رب العالمين، والعافية للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله سيد ولد آدم أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد اعلم أخي الكريم أن فن النسيان للمكروه نعمة وتذكر النعم حسنة والغفلة عن العيوب الناس فضيلة، والعفو ألذ من الانتقام والعمل أمتع من الفراغ، والقناعة أعظم من المال والصحة خير من الثروة، والوحدة خير من الجليس السوء والجليس الصالح خير من الوحدة والعزلة عبادة والتفكر طاعة، والعزلة مملكة الأفكار وكثرة الخلطة حمق والوثوق بالناس سفه، وإستعداؤهم شؤم، وأن سوء الخلق عذاب والحقد سم والغيبة رذالة وتتبع العثراث خذلان، وأن شكر النعم يدفع النقم وترك الذنوب حياة القلوب والإنتصار على النفس لذة العظماء. 


وإن الكبر داء خطير وشر مستطير وعواقبه وخيمة ونتائجه سيئة في الدنيا والآخرة، من إبتلي به قاده إلى كل سوء، ومنعه من كل خير، فما من خلق ذميم إلا وصاحب الكبر مضطر إليه ليحفظ كبره، وما من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزه، والكبر كبيرة من كبائر الذنوب وهو مِن أول الذنوب والمعاصي التي ارتكبت في حق الله تبارك وتعالى، فقال الله تعالى مبينا سبب إمتناع إبليس اللعين عن السجود لآدم عليه السلام " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبي واستكبر وكان من الكافرين " والكبر سبب من أسباب هلاك الأمم السابقة فبكبرهم وعنادهم طغوا وتجبّروا وظلموا وأفسدوا، تمردوا على خالقهم، وإستنكفوا عن عبادته، وقاتلوا أنبياءه ورسله، وصدوا عن سبيله. 


فحق عليهم العذاب، وجاءهم الهلاك، وحل بهم الدمار، فكم من الأمم تكبرت وتجبرت، ومنعها إستكبارها من قبول الحق والإذعان له، فأهلكها الله، وجعلها عبرة لكل متكبر جبار، وكم في القرآن من قصص في ذلك ملأى بالدروس والعبر، وكم في الواقع الذي نعيشه من أحداث ووقائع تبين لنا كيف تكون عاقبة المتكبرين ونهاية الظالمين، وإنه خلق من مساوئ الأخلاق، وخصلة من قبيح الخصال، مع داء يصيب صاحبه بالتيه والعجب والغرور، فلا يرى إلا نفسه، ولا يرى فضلا لأحد ولا مكانة، داء يصدّ صاحبه عن الحق ويجرّه إلى المهالك ذلكم هو داء الكبر، وما أدراكما الكبر فهو داء إبتلي به كثير من الناس، فعميت بسببه الأبصار عن الحق فلا تبصره، وغلفت بسببه القلوب عن الحق فلا تفقهه. 


والكبر هو إستعظام الإنسان نفسه، وإستحسان ما فيه من الفضائل، والإستهانة بالناس وإستصغارهم، والترفع على من يجب التواضع له، والتكبر هو أن يرى المرء نفسه أكبر من غيره، وأرفع مقاما، وأجلّ قدرا، والمتكبر من الناس ذلك الذي ألبس نفسه لباس الكبر والغرور، فيرى نفسه أفضل من غيره، ويترفع على الناس ويستعلي عليهم، وينظر إليهم نظرة إحتقار وإزدراء، فهو مغرور معجب بنفسه ورأيه، ولا يقبل الحق ولو ظهر له خطؤه، والكبرياء في صفات الله مدح، وفي صفات المخلوقين ذم، فلا كبرياء لغير الله، فهو المتفرد بالعظمة والجلال والكمال والعزة والكبرياء، فإذا رأيت إنسانا متكبرا فاعلم أنه ينتحل صفة لا تليق بضعفه وعجزه وذله وهوانه، وقد قال تعالى في حق هذا الإنسان " وخلق الإنسان ضعيفا ".

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020