بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 16 نوفمبر 2023
الحمد لله كما أمر وأشكره على نعمه وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ما إنبلج فجر وإنفجر وسلم تسليما كثيرا، أما بعد إن من النصائح الأسرية الهامه هو حفظ أسرار البيوت، وهذا يشمل أمورا منها عدم نشر أسرار الإستمتاع، وعدم تسريب الخلافات الزوجية، وعدم البوح بأي خصوصية يكون إظهارها ضرر بالبيت أو أحد أفراده، فأما المسألة الأولى فدليل تحريمها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها " رواه مسلم.
ومعنى يفضي أي يصل إليها بالمباشرة والمجامعة كما في قول الله تعالى " وقد أفضى بعضكم إلى بعض " ومن أدلة التحريم أيضا هو حديث السيدة أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرجال والنساء قعود فقال " لعل رجلا يقول ما يفعله بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها " فأرم القوم " أي سكتوا " فقلت إي والله يا رسول الله، إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون، قال " فلا تفعلوا فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون " رواه الإمام أحمد، وفي رواية لأبي داود " هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه، وألقى عليه ستره واستتر بستر الله ؟ قالوا نعم، قال ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا، فعلت كذا، فسكتوا، ثم أقبل على النساء.
فقال صلى الله عليه وسلم هل منكن من تحدث ؟ فسكتن، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتها، وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها، فقالت يا رسول الله إنهم ليحدثون وإنهن ليحدثن، فقال هل تدرون ما مثل ذلك ؟ إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانا في السكة، فقضى حاجته والناس ينظرون إليه " سنن أبى داود، وأما الأمر الثاني وهو تسريب الخلافات الزوجية خارج محيط البيت، فإنه في كثير من الأحيان يزيد المشكلة تعقيدا، وتدخل الأطراف الخارجية في الخلافات الزوجية يؤدي إلى مزيد من الجفاء في الغالب، ويصبح الحل بالمراسلة بين إثنين هما أقرب الناس لبعضهما، فلا يلجأ إليه إلا عند تعذر الإصلاح المباشر المشترك وعند ذلك نفعل كما أمر الله كما جاء في سورة النساء.
"فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " والأمر الثالث وهو الإضرار بالبيت أو أحد أفراده بنشر خصوصياته وهذا لا يجوز لأنه داخل في قوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " رواه الإمام أحمد، ومن أمثلة ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى كما جاء في سورة التحريم " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما " فقد نقل ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما يلي " فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدا أخبرت أهل المدينة ممن يعمل السوء " أي ليأتوا فيعملوا بهم الفاحشة.