محمود سعيد برغش
في أحد الأيام الباردة من أيام الشتاء، كان هناك شاب يدعى ياسر، يعيش في قرية صغيرة على أطراف الصحراء. كان ياسر معروفًا بشجاعته وفضوله الكبير. كانت حياته بسيطة، يعمل في مزرعة والده ويعيش مع عائلته الصغيرة، لكنه كان يشعر دائمًا أن هناك شيئًا مفقودًا في حياته، شيئًا أكبر من حدود قريته.
في أحد الأيام، بينما كان يعمل في الحقل، سمع من أحد التجار الذي كان يمر عبر قريته عن أسطورة قديمة تتحدث عن كنز مفقود في أعماق الصحراء، حيث تقول الأسطورة أن من يجد هذا الكنز سيصبح صاحب قوة عظيمة. هذا الخبر أشعل في قلب ياسر شغفًا لا يمكن تحمله، وكان يعلم أن هذه هي فرصته لكي يغير حياته للأبد.
قرر ياسر أن يخوض هذه المغامرة، رغم التحذيرات التي أطلقها الجميع في قريته. أخذ سلاحه وبعض المؤن، وانطلق في رحلة عبر الصحراء. بدأ الطريق صعبًا، فالرمال المتحركة كانت تتراكم على قدميه، والحرارة كانت لا تطاق. لكنه كان عازمًا على المضي قدمًا.
مرَّ يومًا تلو الآخر، وكلما تقدم في الرحلة، ازدادت صعوبة الظروف. لكنه في كل مرة كان يواجه تحديًا جديدًا، كان يتعلم شيئًا جديدًا عن نفسه وعن العالم الذي يحيط به. كانت الصحراء تعلمه الصبر، والقدرة على التحمل، وحب الاستكشاف.
ثم جاء اليوم الذي شعر فيه ياسر أنه اقترب من هدفه. بعد أن تجاوز العديد من التلال الرملية والهضاب القاحلة، وصل إلى مكان غير مألوف بالنسبة له، وهو واحة غريبة لا تشبه أي واحة مر بها من قبل. كان هناك شجرة ضخمة وسط الوادي، ومياه عذبة تتدفق من مكان غير معروف.
ولكن، كما يحدث في كل أسطورة، كان هناك حارس قديم لهذه الواحة، كان رجلاً مسنًا ذو لحية طويلة وعينين حكيمتين، قال لياسر: "إذا أردت الوصول إلى الكنز، عليك أن تختار بين طريقين، أحدهما يقودك إلى القوة، والآخر إلى الحكمة. عليك أن تختار بحذر، لأن الخيار سيغير مصيرك للأبد".
تردد ياسر، فلم يكن يعرف أي الطريقين يجب أن يسلك. لكنه قرر أن يختار طريق الحكمة، لأنه كان يعلم أن القوة قد تكون مغرية ولكن الحكمة هي التي ستساعده على مواجهة تحديات الحياة. فاختار أن يسير في الطريق الذي يقوده إلى الحكمة.
بينما كان يمشي في ذلك الطريق، بدأ ياسر يتعلم الكثير عن العالم من حوله. اكتشف أسرار الحياة والطبيعة، وفهم معنى التضحية والصبر. لكن الأهم من ذلك أنه بدأ يفهم نفسه بشكل أعمق، وأصبح أكثر حكمة في اتخاذ قراراته.
وصل في نهاية المطاف إلى نهاية الطريق، حيث وجد نفسه في مكان جميل، مليء بالنور والهدوء. لم يكن هناك كنز مادي، ولكن ما وجده كان أكثر قيمة من أي شيء مادي؛ وجد السلام الداخلي وفهمه العميق للحياة.
عاد ياسر إلى قريته بعد سنوات من السفر، ولكن هذه المرة عاد ليس فقط بجسده، بل بعقله وقلبه. أصبح شخصية مرموقة في قريته، يلجأ إليه الناس للحصول على النصائح والحكمة. وعرف الجميع أن رحلة ياسر كانت ليست فقط بحثًا عن الكنز، بل كانت رحلة بحث عن الذات.
النهاية.
أ