بقلم: القيادي العمالي المستقل، محمد عبدالمجيد هندي
رسالتي اليوم موجهة إلى كل فرد في هذا المجتمع؛ إلى الأب والأم، إلى كل رئيس ومسؤول، إلى العامل والفلاح والموظف، وإلى كل من يطمح لبناء حياة كريمة ومستقبل آمن. أنظروا بتمعن في مشكلاتنا، ستجدون أنها لم تتفاقم إلا حين لجأنا إلى الهروب، حين ظننا أن تجنب الصعاب هو الخيار الأسهل، وأن السير بعيداً عن التحديات يجلب الراحة والسلام. لكن للأسف، لم يكن هذا الحل يوماً حلاً حقيقياً. الهروب من مواجهة المشاكل يؤدي إلى تعقيدها، ويزيد من خطورتها وانتشارها؛ فالمشكلة التي تتجاهلها اليوم تتفاقم وتعود غداً كأزمة أعمق وأخطر.
إننا نعيش في زمن مليء بالتحديات على كافة المستويات. اقتصاداتنا تعاني، عمالنا وفلاحونا يواجهون صعوبات متراكمة، وحياتنا اليومية باتت محفوفة بمشكلات تتطلب منا مواجهتها بوعي وشجاعة. الهروب من المشكلات الشخصية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ليس إلا ضعفًا مؤقتًا، وحلاً قصير النظر، ينتهي بأن نترك من خلفنا تركة ثقيلة من الأزمات للأجيال القادمة.
إن لكل مشكلة جوانبها، وبعضها يتطلب تعاونًا جماعيًا وإصرارًا عامًا للتغلب عليها. المشاكل التي تواجه الأسر، كتحديات المعيشة وتربية الأجيال، تتطلب من الآباء والأمهات صبرًا وجهدًا وحوارًا صادقًا؛ أما المشاكل التي تواجه العمال والفلاحين فتحتاج إلى تنظيم وتكافل في صفوف القوى العاملة، وتكاتف المجتمعات لمواجهة المعضلات بروح الفريق. من الضروري ألا نتعامل مع هذه التحديات كعبء فردي، بل كمسؤولية عامة، تقع على عاتقنا جميعًا.
إن كان لدينا قضايا تفوق قدراتنا كأفراد، فالحل ليس بالهرب منها أو التذمر منها، بل في اللجوء إلى من نثق بهم، إلى ذوي الخبرة والحكمة، لنشكل فريقًا متماسكًا وقويًا يعمل على حلها. التعاون هنا هو كلمة السر، لأن مشكلاتنا لا تُحل بالانكفاء على الذات، بل بالاتحاد مع من يحملون معنا نفس الهدف وذات التحديات. هذا ما يسهم في بناء مجتمع قادر على الصمود والاستمرارية، مجتمع لا يهاب الصعاب، بل يواجهها بإصرار ويحولها إلى نقاط قوة.
يجب أن ندرك أن تجاهل المشكلة يورثها لمن يأتي بعدنا، ويجعلها أكبر وأعقد مما كانت عليه. على القادة والمسؤولين، والآباء والأمهات، والعاملين في كل مجال، أن يتعاملوا مع الصعوبات كجزء لا يتجزأ من الحياة، وأن يتبنوا نهجًا يعتمد على المواجهة الحكيمة والحلول المدروسة. فالهروب لا يعني سوى أن أجيالاً قادمة ستتحمل عبء ما تهربنا منه نحن اليوم.
في العمل، كما في الحياة الخاصة، تحمل المسؤولية ليس سهلاً، ولكنه ضروري. مواجهة التحديات تعني البحث عن حلول طويلة الأمد، وليس مجرد مسكنات وقتية. العمل على مواجهة الأزمات يتطلب شجاعة، ويتطلب خطة واضحة ونظرة عميقة للواقع. ولهذا يجب أن نحارب ظاهرة الخوف من المسؤولية أو من مواجهة التحديات؛ بل علينا جميعًا أن نكون أمثلة يحتذى بها في تحمل الصعاب، وأن ندرب أجيالنا على تحمل المسؤولية والتفاني في سبيل الصالح العام.
رسالتي إليكم جميعاً هي أن تجعلوا من المواجهة عادةً ومن التحدي أساسًا لبناء الثقة بالنفس وبناء المجتمع. أن نواجه ولا نهرب، وأن نتعاون ولا نفر من مسؤولياتنا، فبذلك نضع أساسًا لمجتمع أكثر استقرارًا وأكثر قدرة على التطور والنمو.