كتب أشرف ماهر ضلع
شهد الوضع النيابي في مصر تطورات مهمة منذ بداية الحياة النيابية في البلاد خلال أوائل القرن العشرين. تعتبر التجربة البرلمانية في مصر من أقدم التجارب في العالم العربي، حيث بدأت مع إنشاء مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية في أواخر القرن التاسع عشر، وتطور الوضع ليشمل المجالس النيابية والدستورية المختلفة. لكن التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد أدت إلى تغيرات مستمرة في هيكل ودور المؤسسة التشريعية.
تطور الحياة النيابية في مصر
كانت البداية الحقيقية للنظام النيابي في مصر مع دستور عام 1923 الذي أقر بوجود برلمان من غرفتين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ. هذا النظام استمر حتى ثورة يوليو 1952، حيث ألغيت الملكية وتم إعادة تنظيم النظام السياسي تحت حكم الحزب الواحد، ما حد من دور البرلمان لفترات طويلة.
وفي أعقاب ثورة 25 يناير 2011، شهدت مصر إصلاحات دستورية هدفت إلى إعادة التوازن بين السلطات ومنح البرلمان دوراً أقوى في الرقابة والتشريع. جاءت تعديلات دستورية متعددة بعدها، كان أبرزها تعديل 2014 الذي وضع إطارًا جديدًا للعلاقة بين السلطات وجعل النظام شبه رئاسي.
البرلمان الحالي في مصر
يتألف البرلمان المصري حاليًا من مجلسين:
1. مجلس النواب: وهو المجلس الأساسي للسلطة التشريعية ويتألف من 596 عضواً يُنتخبون من خلال نظام مختلط يجمع بين الانتخاب الفردي والقوائم النسبية.
2. مجلس الشيوخ: أعيد تشكيله في عام 2020 كغرفة ثانية للبرلمان بهدف تعزيز النقاشات البرلمانية وتقديم الاستشارات في قضايا التشريع.
ورغم وجود تعددية حزبية شكلية، لا تزال الأحزاب المعارضة محدودة التأثير داخل البرلمان، بينما يسيطر على المجلس مجموعة من الأحزاب المؤيدة للحكومة، مما يثير تساؤلات حول مستوى التنوع السياسي الحقيقي.
دور البرلمان المصري
يقوم البرلمان بدور مزدوج في مصر، حيث يعمل كجهة تشريعية ومراقبة للسلطة التنفيذية. ويتيح الدستور لأعضاء البرلمان استجواب الوزراء والموافقة على القوانين وتعديلها. إلا أن الواقع يظهر أن البرلمان في كثير من الأحيان لا يمارس هذا الدور بالصرامة المطلوبة، حيث تميل السلطة التنفيذية إلى الهيمنة على عملية اتخاذ القرار.
التحديات التي تواجه البرلمان
1. تأثير السلطة التنفيذية: لا يزال البرلمان تحت تأثير السلطة التنفيذية بشكل كبير، حيث إن الرئيس يعين نسبة من الأعضاء، ويكون له دور في اختيار بعض الوزراء، مما يؤثر على استقلالية المجلس.
2. ضعف الأحزاب المعارضة: قلة الأحزاب الفاعلة وضعف المعارضة السياسية يجعل البرلمان محدود الفاعلية في تحقيق رقابة حقيقية على الحكومة.
3. القوانين التنظيمية: في بعض الحالات، تضع القوانين التنظيمية قيوداً تحد من قدرة النواب على ممارسة أدوارهم الكاملة في الرقابة والتشريع.
آفاق المستقبل
يتطلع البعض إلى مزيد من الاستقلالية والديمقراطية في الحياة النيابية المصرية، حيث يرون أن قوة البرلمان ضرورية لتحقيق توازن حقيقي بين السلطات. فيما تدعو منظمات المجتمع المدني إلى إجراء إصلاحات تضمن دوراً أكبر للأحزاب المستقلة وحرية أكبر للنقاش البرلماني.