هويده عبد العزيز
أثارت حرائق الغابات المدمرة التي اندلعت في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عاصفة من ردود الأفعال، لا تقل حدتها عن جحيم النيران المشتعلة في كاليفورنيا، مما أجج المشهد العربي بتفاعلات متباينة، بين ناقد وساخر ومتفاعل مع المتضررين، وبين من نظر إلى الدروس المستفادة من الأزمة.
وخلال اليومين الماضيين، زادت وتيرة التفاعلات بين النشطاء المغردين عبر وسائل التواصل الاجتماعي إزاء التغطية الإعلامية المكثفة للكارثة، والتي كشفت عن حجم الدمار في الممتلكات والبُنى التحتية، حيث قُدر مبدئيًا من قبل الخبراء بحوالي 150 مليون دولار أمريكي، إلى جانب نزوح مئات الآلاف من سكان مدينة لوس أنجلوس. وقد وصف الخبراء الوضع بأن كاليفورنيا تعيش أسوأ أيامها.
وقد عبّر البعض عن عميق الحزن والأسى للمتضررين في المناطق المنكوبة، متمنين لهم السلامة ومؤكدين على أهمية التضامن والتضافر الدوليين في مواجهة الكوارث الطبيعية والأزمات، وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان كارثة درنة في ليبيا، وزلزالي تركيا والمغرب. ربما نكون في أمسّ الحاجة إلى مراجعة منظومة القيم والروابط الإنسانية بدلًا من التركيز على الجانب المادي البحت.
فليس من أدبيات ديننا الحنيف التشفي، فالتشفي نيران تأكل قلب صاحبها. هكذا علمنا الخلق النبوي أن العظماء يرتقون بالعفو، لا بالشماتة.
بينما ربط البعض الحرائق بأنها لفحة إلهية من لفحات جهنم نظير الموقف الأمريكي تجاه أحداث غزة والشأن الفلسطيني والعربي.
كما لم يغب عن المشهد المهتمون بالشأن البيئي، الذين نبهوا إلى مخاطر التغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري، داعين إلى تكثيف الجهود الدولية للحد من هذه الظاهرة أو على الأقل الحد من تأثيراتها السلبية.
كذلك، شهد الداخل الأمريكي موجة من الانتقادات إزاء الصمت المجحف من قبل ساسة الحزب الديمقراطي تجاه الكارثة، وكشفت الأزمة عن مدى هشاشة أنظمة الدفاع المدني ومنظمات الإغاثة وحجم الاستعدادات والعجز لدى فرق الإطفاء في التصدي لهذه الأزمة.
ربما تكون الكوارث الطبيعية فادحة ومؤلمة، والخسائر البشرية أشد إيلامًا، لكنها أيضًا تشكل منطلقًا ونقطة تحول نحو وعي مستقبلي أفضل ومسؤولية مشتركة، تسعى للتطوير السريع والحتمي لأنظمة الاستجابة السريعة والإنذار المبكر.