من الجنحة إلى الجناية: متى يصبح الخطأ الصغير كارثة كبرى؟جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد24 جريدة الراصد24

داخل المقال

جاري التحميل ...

من الجنحة إلى الجناية: متى يصبح الخطأ الصغير كارثة كبرى؟جريده الراصد24

  


من الجنحة إلى الجناية: متى يصبح الخطأ الصغير كارثة كبرى؟جريده الراصد24

بقلم: عمرو الريدي – المحامي


في عالم الجريمة، الأمور ليست دائمًا كما تبدو. هناك أفعال يظنها البعض صغيرة، وربما لا تستحق القلق، لكنها قد تتحول إلى كابوس قانوني يغير مسار الحياة بالكامل. حديثنا اليوم ليس عن الجرائم الكبرى بقدر ما هو عن تلك اللحظات التي تتحول فيها الجنحة – تلك الجريمة البسيطة في ظاهرها – إلى جناية تقلب الأمور رأسًا على عقب.


الجنحة والجناية: وجهان لعملة القانون


لفهم القضية بوضوح، دعونا نُفرق بين الجنحة والجناية. ببساطة، الجنحة هي جريمة أقل خطورة عقوبتها لا تتجاوز ثلاث سنوات حبس، بينما الجناية تمثل الدرجة الأعلى في سلم الجرائم، حيث تتراوح عقوباتها بين السجن المشدد وحتى الإعدام. الفرق ليس فقط في العقوبة، بل في كل شيء، بداية من إجراءات التحقيق وحتى طبيعة المحاكم التي تنظر القضية.


متى تتغير طبيعة الجريمة؟


التحول من جنحة إلى جناية ليس مجرد قرار اعتباطي، بل يعتمد على معايير حددها المشرع بدقة. السرقة، على سبيل المثال، تُعتبر جنحة إذا كانت بسيطة، ولكنها تتحول إلى جناية إذا وقعت ليلاً، أو نفذها أكثر من شخص، أو تم استخدام السلاح لتهديد الضحية. هذه المعايير ليست للتعقيد، بل لضمان أن العقوبة تتناسب مع حجم الجريمة.


أمثلة عملية: حينما تصبح الجنحة جناية

 • السرقة: قد تكون جريمة اختلاس بسيطة، لكن إذا أُضيف إليها سلاح أو تمت ليلاً داخل منزل مسكون، تصبح جناية عقوبتها السجن المشدد.

 • الضرب: ضرب بسيط قد يؤدي لعقوبة قصيرة، ولكن إذا حدث في إطار جماعي بأسلحة أو لأهداف إرهابية، تتحول الجريمة إلى جناية قد تصل عقوبتها لسنوات طويلة.

 • الإصابة الخطأ: حادثة بسيطة بين سيارتين قد تبقى في إطار الجنحة، ولكن إذا نتج عنها عاهة مستديمة أو وفاة، تتحول القضية إلى جناية تتطلب أحكامًا أكثر صرامة.


لماذا يغلق القانون الأبواب أمام التساهل؟


القانون المصري يتعامل بحزم مع الجرائم التي تتجاوز حدود الجنحة لتصل إلى الجناية. السبب بسيط وواضح: حماية المجتمع وردع كل من تسول له نفسه استغلال الثغرات القانونية. فلا يمكن أن تُعامل السرقة بالإكراه مثل السرقة البسيطة، ولا يجوز أن يمر اعتداء جماعي بالسلاح دون عقوبة مشددة.


من يحكم بين الجنحة والجناية؟


الاختصاص هنا أمر حساس. محكمة الجنح تنظر القضايا البسيطة، لكن إذا ارتبطت الجنحة بجناية – كما في حالة السرقة بالإكراه أو الضرب الجماعي – تصبح محكمة الجنايات هي صاحبة الاختصاص. النيابة العامة هي من تقوم بتكييف الجريمة عند الإحالة، ولكن للمحكمة الحق في تعديل هذا التكييف إذا رأت ضرورة لذلك.


الخلاصة: لا تسلك الطريق المظلم


الخطأ الصغير قد يكلف صاحبه الكثير. طريق الجريمة، مهما بدا سهلاً في البداية، يحمل في نهايته أشواكًا لا يمكن تجاوزها. وفي النهاية، يبقى القانون هو الفيصل، فلا جنحة تمر دون حساب، ولا جناية دون عقاب. لذلك، تذكر دائمًا أن البدايات السهلة قد تخفي نهايات مؤلمة.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

انضم الي عائلة جريدة الراصد24

إشترك ليصلك كل مواضيع جريدة الراصد24


إلى أعضاء

إنضم

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد24

2020