محمود سعيدبرغش
في العصر الرقمي الحديث، أصبح فيسبوك واحدًا من أبرز منصات التواصل الاجتماعي التي تحظى بشعبية واسعة بين الشباب. ورغم أن هذا التطبيق قد أحدث ثورة في كيفية تواصل الأفراد وتبادل المعلومات، إلا أن تأثيره على حياة الشباب لا يخلو من الإيجابيات والسلبيات. في هذا المقال، سنناقش كيف يؤثر فيسبوك على حياتنا اليومية، تأثيره على الدراسة والعمل، وكذلك على العلاقات الاجتماعية.
الإيجابيات
1. التواصل الاجتماعي:
فيسبوك يوفر وسيلة سريعة وفعالة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، سواء كانوا في نفس البلد أو في دول مختلفة. تتيح هذه المنصة للمستخدمين الحفاظ على روابطهم الاجتماعية، حتى وإن كانت المسافات بعيدة. كما أنه يسمح بمشاركة اللحظات اليومية والأحداث المهمة، مما يسهم في تقوية العلاقات.
الآية القرآنية:
قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاحًا وَسُكْنًا لَكُمْ" [النساء: 1].
تشير هذه الآية إلى أهمية التواصل والتعاون بين البشر، الذي يمكن أن يُعزز من خلال منصات مثل فيسبوك.
2. مصدر للمعلومات والمعرفة:
يعتبر فيسبوك منبعًا للمعلومات في مجالات متعددة. من خلال المجموعات والمحتوى المتنوع الذي يشاركه الأفراد، يمكن للشباب أن يتعلموا مهارات جديدة، يتابعوا الأخبار العالمية والمحلية، ويشاركون في مناقشات ثقافية وعلمية. بالإضافة إلى ذلك، يتيح لهم الانضمام إلى مجتمعات تعلمية قد تكون مفيدة في تطورهم الأكاديمي أو المهني.
الحديث النبوي:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" (رواه مسلم).
وهذا يؤكد على أهمية التعلم واكتساب المعرفة، وهو ما يمكن أن يقدمه فيسبوك إذا تم استخدامه بشكل صحيح.
3. فرص مهنية:
يعد فيسبوك منصة مهمة للبحث عن الفرص المهنية. من خلال الشبكات الاجتماعية التي توفرها المنصة، يستطيع الشباب بناء علاقات مهنية قوية والتواصل مع أشخاص في مجالات متنوعة، مما قد يؤدي إلى فرص عمل جديدة أو تعاون مع محترفين في مجالهم.
السلبيات
1. الإدمان وفقدان التركيز:
من أبرز السلبيات التي قد يواجهها الشباب نتيجة الاستخدام المفرط لفيسبوك هو الإدمان. قد يصبح التصفح المستمر للمحتوى على فيسبوك مصدرًا لإضاعة الوقت، مما يؤثر على التركيز في الدراسة أو العمل. كما أن الشباب قد يميلون لقضاء ساعات طويلة في تصفح المنشورات والتعليقات بدلاً من ممارسة الأنشطة المفيدة.
الآية القرآنية:
قال الله تعالى:
"إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى" [الليل: 4].
هذه الآية تذكرنا بأننا يجب أن نوجه جهودنا بشكل مثمر ولا نضيع أوقاتنا في أمور تشتت انتباهنا.
2. الانعزال الاجتماعي:
في حين أن فيسبوك يعزز من التواصل الافتراضي، إلا أنه قد يؤدي إلى انخفاض التفاعل الاجتماعي الواقعي. الشباب قد يشعرون بأنهم يكتفون بالتواصل عبر الإنترنت، مما يقلل من الفرص للتفاعل المباشر وبناء علاقات اجتماعية حقيقية. وهذا قد يؤدي إلى شعور بالوحدة أو العزلة.
الحديث النبوي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل" (رواه الترمذي).
يوجه هذا الحديث أهمية العلاقات الاجتماعية الواقعية في حياتنا، ويحث على اختيار الصحبة الجيدة.
3. المقارنة والتوتر:
من بين التحديات النفسية التي يسببها فيسبوك هي ظاهرة المقارنة. حيث يعرض الأفراد أفضل لحظاتهم عبر المنشورات والصور، مما قد يجعل الشباب يشعرون بالضغط النفسي والتوتر إذا كانت حياتهم الشخصية لا تتطابق مع هذه الصور المثالية. هذا يمكن أن يؤثر سلبًا على مستوى الثقة بالنفس.
الآية القرآنية:
قال الله تعالى:
"وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَزَرْتَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا لِتَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرَحْمَتَكَ" [طه: 131].
هذه الآية تحثنا على قناعة النفس وعدم المقارنة بالآخرين، وتحث على التركيز على ما هو مهم في حياتنا.
تأثيره على الدراسة والعمل
الدراسة:
فيسبوك، على الرغم من كونه مصدرًا للمعلومات، يمكن أن يصبح عائقًا أمام التركيز أثناء الدراسة. قد يجد الشباب أنفسهم يضيعون وقتهم في تصفح المحتوى بدلاً من التركيز على دراستهم. ولكن، يمكن استغلاله أيضًا في الانضمام إلى مجموعات دراسية أو متابعة حسابات تعليمية توفر معلومات ومصادر قيمة.
العمل:
في مجال العمل، يمكن أن يكون لفيسبوك تأثير مزدوج. من جهة، يمكن أن يساعد في بناء شبكة من العلاقات المهنية والاطلاع على فرص عمل جديدة. من جهة أخرى، قد يؤثر سلبًا على الإنتاجية إذا تم استخدامه بشكل مفرط خلال ساعات العمل، مما يؤدي إلى تقليل الكفاءة.
تأثيره على العلاقات الاجتماعية
إيجابي:
فيسبوك يعزز من الروابط الاجتماعية بين الأصدقاء والعائلة، حيث يمكن للجميع التواصل ومشاركة اللحظات المهمة، مما يقوي العلاقات العاطفية والاجتماعية.
سلبي:
على الرغم من مزايا فيسبوك في تعزيز التواصل، إلا أن الاعتماد المفرط عليه قد يقلل من التواصل الواقعي، مما يؤثر على عمق العلاقات. قد يواجه الشباب صعوبة في التفاعل مع الآخرين بشكل طبيعي في الحياة الواقعية بسبب الاعتياد على التواصل الافتراضي.
الخلاصة
بينما يقدم فيسبوك العديد من الفوائد التي تساهم في تطوير التواصل الاجتماعي والتعليم والفرص المهنية، إلا أن له أيضًا تأثيرات سلبية قد تؤثر على التركيز والعلاقات الاجتماعية. لذلك، يجب على الشباب أن يكونوا واعين لاستخدامه بشكل متوازن، مع مراعاة التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن الإفراط في التفاعل مع هذه المنصة. من المهم أن يتعلموا كيفية الاستفادة من فيسبوك بأفضل شكل ممكن دون أن يؤثر ذلك على حياتهم اليومية أو علاقاتهم الحقيقية.