محمود سعيدبرغش
الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى ورحمة للعالمين، وأرسل النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم بشيرًا ونذيرًا، أما بعد:
إن القرآن الكريم والسنة النبوية هما المنارة التي تهدي الإنسان في ظلمات الحياة، فبهما يجد العبد طمأنينة قلبه، واستقامة طريقه، وراحة نفسه. قال الله تعالى:
"إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ
الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا"
(سورة الإسراء: 9)
دور القرآن في حياة الإنسان
القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الذي أنزله الله ليكون دستورًا للحياة. يبين الحلال والحرام، ويزرع في النفوس القيم والمبادئ السامية. قال تعالى:
"وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ"
(سورة النحل: 89).
فالقرآن لا يقتصر على التشريع، بل يقدم للإنسان زادًا روحيًا يعينه على مواجهة تحديات الحياة ويمنحه الصبر واليقين. ومن عظمة القرآن أنه يلمس شغاف القلوب، كما قال الله تعالى:
"اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ"
(سورة الزمر: 23).
السنة النبوية مكملة للقرآن
السنة النبوية هي التطبيق العملي للقرآن الكريم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآناً يمشي على الأرض. قال السيدة عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم:
"كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ"
(رواه مسلم).
ومن خلال السنة نستطيع أن نفهم معاني القرآن ونطبقها في حياتنا. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"تركتُ فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسَّكتم بهما: كتابَ الله وسنَّتي"
(رواه مالك).
أثر القرآن والسنة في بناء المجتمع
القرآن والسنة هما المصدران الرئيسيان لتقويم سلوك الفرد وإصلاح المجتمع. فهما يدعوان إلى العدل، الرحمة، والتكافل الاجتماعي. قال الله تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ"
(سورة النحل: 90).
وكذلك، نجد في السنة النبوية أمثلة حية على تعزيز قيم التعاون والإيثار، كما قال صلى الله عليه وسلم:
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"
(رواه البخاري ومسلم).
خاتمة
في الختام، لا غنى للإنسان عن القرآن والسنة في مسيرته بالحياة. فهما النور الذي يهدي العبد إلى رضا الله والجنة. لذا علينا أن نحرص على تلاوة القرآن، وتدبره، والعمل به، وأن نتبع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لنفوز بسعادة الدنيا والآخرة. قال الله تعالى:
"فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ"
(سورة طه: 123).