رحلة ليست ككل الرحلات جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد24 جريدة الراصد24

داخل المقال

جاري التحميل ...

رحلة ليست ككل الرحلات جريدة الراصد 24



بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الثلاثاء الموافق 14 يناير 2025

الحمد لله أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله خير من علّم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهدى والإيمان، وعلى التابعين لهم بإيمان وإحسان ما تعاقب الزمان، وسلم تسليما مزيد ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن رحلة الإسراء والمعراج، وإن الحديث عن الإسراء والمعراج كخارقة ليس شيئا عاديا، صحيح أنها رحلة من حيث الانتقال من أرض إلى أرض، لكنها ليست ككل الرحلات بكل المقاييس، وقيل أن تسميتها رحلة مجاز أكثر من كونها حقيقة لكنها كخارقة أصح حقيقة وأثبت، كيف يصح أن نطلق عليها رحلة. 


وفيها ما فيها من الخوارق وغرائب وعجائب الأحداث؟ وفي هذه الرحلة العجيبة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشيب له الرأس مما أعده الله للمخالفين العصاة من أمته ممن يتركون الحلال الطيب من النساء إلى الحرام الخبيث من معاشرة العاهرات، وممن يباشرون المعاملات الربوية وممن يعاقرون الخمر، وممن يتركون الصلاة، وغير ذلك كثير، ولقد بدأت السورة بالتسبيح، وهو التنزيه والتقديس لأن هذا الحدث فوق قدرات البشر، ولا يقوم به إنسان، مهما أوتي من جبروت العلم، وسطوة الفهم، والمتأمل فيه يوقن بأنه حدث الأحداث، ومعجزة المعجزات إذ كيف يمكن لبشر أن يأخذ بشرا في رحلة أرضية من مكةَ المكرمة إلى بيت المقدس، هذه المسافات الطويلة، ثم يُعرج به إلى السماوات العلا إلى سدرة المنتهى، ويريه كل تلك الآيات الباهرات، ثم يعود به قبل أن يبرد موضع نومه. 


حتى إن العرب أنفسهم الذين يعرفون بُعد المسافة بين المسجدين استبعدوا ذلك، وقالوا تأتي بيت المقدس الذي نضرب له أكباد الإبل شهرا، ثم تعود إلى دارك في هذه اللحظات القليلة الرمزية، وكان الجواب عليهم هو نعم، لإن أول أهداف الإسراء هو بيان القدرة الإلهية، وإيضاح المعجزة الربانية، والهيمنة الحقيقية على كل من وما في الكون لأن الله خلق الزمن فكيف يحيط به الزمن، وخلق المكان فكيف يحويه مكان، إن الله تعالى لا يعالج الأمور والأشياء كما نعالجها نحن، إنما كل شيء عنده يتأهب لسماع "كن" فيكون في الحال ويحدث على الفور، وكل شيء عنده بمقدار، وأما ثاني تلك الغايات فهو التسلية والتسرية عن حبيبه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو مفهوم من معنى الإسراء وهو التسرية والتخفيف. 


حيث بلغ بقريش معه حدا بعيدا من الظلم والتجني والاضطرار إلى الخروج، وحيث أدميت قدماه الشريفتان، وهذا يتجهم، وذلك يحاول التصدي له وامتلاك دعوته، وثالث يساومه على تركها، حتى قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس برحمتك يا رب العالمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن يحل بي سخطك، أو ينزل عليّ غضبك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك" فكان دعاء الحبيب للحبيب. 


فيه إخبات وخشوع، وخضوع ودموع، رقة متناهية، وتوكل صادق، ويقين كامل بنصرة الله عز وجل، فتتنزل رحمة الله تعالى به في رحلة أرضية سماوية تخفف عنه، وتمسح على جبينه، وتكفكف دمعه، وتربط على كتفيه، وتشعره أنه ليس وحده في هذا الوجود، وإنما معه ربه لا ينساه، ومعه مولاه يرعاه، ويرعاه.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

انضم الي عائلة جريدة الراصد24

إشترك ليصلك كل مواضيع جريدة الراصد24


إلى أعضاء

إنضم

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد24

2020