بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد إن الجنة قد خبر بها النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وقال أنها قيعان وأن أعظم غراسها هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال " لما عرج بي لقيت خليل الله إبراهيم فأوصاني قائلا يا محمد أقرئ مني أمتك السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا آله إلا الله والله أكبر" وهذه الجنة أيها المؤمنون عظم شوقها إلى بعض عباد الله الصالحين فقال صلى الله عليه وسلم كما في الخبر الصحيح قال "إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة إلى علي وعمار وسلمان" رضوان الله عز وجل عليهم.
ولا يعني ذلك أن الجنة لا تشتاق إلى غيرهم فإن الحديث في سياق الخبر وليس في سياق الحصر فلا ريب أن الجنة تشتاق إلى أبي بكر وعمر وغيرهما من عباد الله المؤمنين ولكن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أخبر فقط عن ثلاثة ليبين مال هؤلاء الثلاثة من عظيم القدر وجليل المكانة عند ربنا تبارك وتعالى، وهذه الجنة يُمنع عنها أقوام بالكلية فلا يدخلونها أبدا رغم ما فيها من الفضل و ما جعل الله تعالي فيها من الرحمة و ما فيها من نعيم الله الذي لا ينفذ وقرة العين التي لا تنقطع وهؤلاء والعياذ بالله هم أهل الكفر والإشراك حيث قال الله جل وعلا كما جاء في سورة المائدة " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة " فمن أشرك بالله تعالي أو كفر به جل وعلا فإن الجنة عليه حرام، حراما تحريما مؤبدا.
فإن الله تعالي أخبر أنه ما بعث الرسل ولا أنزل الكتب ولا خلق الجن والإنس ولا أُقيم سوق العرض ولا خلقت السماوات والأرض إلا ليوحد سبحانه ويعبد دون سواه فمن خالف هذا الأمر الرباني الإلهي الذي أجراه الله على الأمم كلها كان حرام عليه بقدر الله أن يدخل الجنة قال الله جل وعلا عن أهل معصيته بعد أن بين سبب عذابهم والنكالِ بهم وحرمانهم من نعمة الله قال كما جاء في سورة الصافات " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون " فمن ذلت عينه وقلبه وخشعت نفسه أمام هذه الكلمة وفق لكل خير ومن منعها ولم يجد لها مكانا أو مساقا في قلبه فالجنة عليه حرام بكلام رب العالمين جل جلاله جعلنا الله وإياكم ممن يؤمن به ويعبده وحده دون سواه، ونعوذ من هؤلاء من حرم الله تعالي عليهم الجنة تحريما مؤبدا.
ومن الناس من ذل لهذه الكلمة لكنه عصى النبي صلى الله عليه وسلم وعصى الشرع في أمور كثيرة فهؤلاء لا يمكن لهم أن يدخلوا الجنة إبتداء ولو ماتوا على التوحيد حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة عاق لوالديه" فالجنة من أعظم المنازل ولا يدخلها إلا ذو قلب سليم وكيف تجتمع سلامة قلب مع عقوق لوالدة حملتك تسعة أشهر أو عقوق لوالد رباك ورعاك، وعقوق الوالدين من أعظم ما يمنع رحمة الله جل وعلا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة عاق لوالديه" وكما أن الخمر أم الخبائث حرمها الله تعالي في كتابه وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم وهي مظنة كل شر وسبب كل بلاء وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة مدمن خمر"
ولو مات على لا إله إلا الله إلا أن يكون قد تاب قبل وفاته فإن الخمر والعياذ بالله حرّمها الله وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببها عشرا من الناس ولم يرد في الشرع كله أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن بسبب شيء معين عشرا من العباد إلا ما ورد في لعن الخمر وشاربها وبقية العشرة أعاذنا الله وإياكم من ذلك كله.