للشاعر.عباس محمود عامر
"مصر"
لَمْلِمْ شِتَاتَ الضَّجِيجِ
الذِي حَوْلَكْ
كُلُّ مَا يَتَرَسَّخْ مِنْ عَلَقٍ
فِي الدِّيَارِ
وَ غَنِّ نَشِيدَكَ لَو مُسْتَحِيلَا
جَفَّتْ شَرَايِينُ الأَدْمِغَةْ
مِنْ صَدَى القَوْلِ
والقَوْلُ تَمَخَّضَ فِي كُلِّ شِبْرٍ
وَمَنْ أصْدَقَ الآنَ فِي السِّرْبِ قِيْلَا ..؟
فَدِعْ المُزْمَارَ
لِمَنْ يَتْقِنْ العَزْفَ لَحْنَاً جَمِيْلَا ..
عَازِفُونَ سَكَارَى
لَا يمْلِكُونَ لِجَامَ الأوْتَارِ النَّافِرَةْ
خَرَجُوا عَنْ بيَانِ النَصِّ الذِي
كَانَ فِي لَحْنِكَ الأَجْمَل
حَتَّى أبْصَرُوا النَّزْفَ
والزَّيْفَ
والرَّقْصَ عَلَى أرْوَاحٍ نَاحِفَةْ
كَالمَوْتَى
إِرْتَضَتْ الرَّسْفَ
والوَعْدَ بِسَوْفَ
فَلَمْ يَعْزِفُوا غَيْرَ الصَّمْتِ
وإشَارَاتٍ مَاكِرَةْ ..
أَحْلَامُنَا البَائِرَةْ
غَيْمٌ بِلَا غَيْثٍ
ضَلَّتْ أيْقُونَةَ العَيْشِ فِي زَحْمَةِ الرِّحْلَةْ
أَحْلَامُنَا البَائِرَةْ
ظَلَّتْ فِي سِحْرٍ بِلَا رَحْمَةْ
نسْتَدْعِي الحُلْمَ مِنْ جُعْبَةِ الأدْخِنَةْ
مِنْ خُيوطِ الجِيُوبِ التِي انْسَلَّتْ
فِي ثِلُوجِ الضَّمَائِرِ والأَفْئِدَةْ
كُلُّ لَيْلٍ
تَرَكْنَا الحُلْمَ وَحِيْدًا فِي عَتْمَةِ اللَّيلْ
وَالبَدْرُ بِسَاطٌ يُسْتَأثَرُ مِنْ تَحْتَ الأَقْدَامْ
فِي ضَلَالٍ غَبِيٍّ يُوَاعِدُنَا بِالنَّهَارِ
تُدِيرُ الأَفْلَاكَ طَرْفَةُ عَيْنٍ
- هَلْ تَفُكُّ طَلَاسِمَهَا الأَحْجِبَةْ؟
هُمْ سَوَاحِرُ أذْكُوا النَّارَ مِنَ الأَنْوَارِ
بِلَا حِكْمَةْ ..
التَّعْوِيَذَةُ يَا سَحَرةْ
طَيْشٌ يَرْتَدُّ
تُصْبِحُ مِثْلَ وَرِيْقَاتٍ عَجْزَى
بَلَّلَتْهَا دُمُوعُ الشَّمْسِ أوَانَ المَغِيبْ
التَّعْوِيَذَةُ يَا سَحَرَةْ
تَطِيرُ كَطَيْفٍ مَغْرُورٍ دُونَ أَجْنِحَةْ
فِي أبْخِرَةٍ تَتَهَاوَى فِي العَدَمْ ..
يَا كُلَّ بِحَارٍ مَالِحَةٍ أَفْسَدَتْ النَّهْر
جَفَّتْ فِي المِلْحِ مِيَاهُ الشُّربْ
يَا رُهْبَانَ السِّحْرِ الدَّرْوِيشِيِّ اللَّونْ
انْصَرِفُوا مِنْ تَخْتِ العَائِلَةْ
وبِلَا رَجْعَةٍ
أَنْتُمْ تَقْتَاتُونَ السُّحْتَ فِي أَطْبَاقِ الوِشَاةْ
عَازِفُونَ بِلَاْ مَوْهِبَةْ
تَنْفُخُ أَفْوَاهُكُمْ فِي الهَوَاءِ
يَطِيرُ المُزْمَارُ فِي ثَورَةِ الرِّيحْ
الوَقْتُ حِرَاكُهُ كَالأَفْعَى
يَلْتَفُّ رُوَيْدَاً
رُوَيْدَاً
حَوْلَ أعْنَاقِ المُسْتَحِيلْ
قَدْ نبْكِي أوتَارَاً ذَابَتْ
دُوْنَ أَصْدَاءٍ
مِنْ نَعْرَةِ عَزْفٍ يَشْدُو بِلَا شَغَفٍ
لَنْ يَبْقَى فِي الحَنَاجِرَ
إلاَّ الصَّهِيلْ ...
=======