كتب : وائل عباس
مفارقات عجيبة وتصريحات غريبة تلك التى يطل علينا بها الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب " فى فترة رئاسته الثانية ؛ ومما لا شك فيه أنها تختلف أختلافا كليا عن الفترة الأولى والتى تبدو كفترة تدريب ؛ أستنتج منها خطة عمل لينتهجها خلال فترته الثانية ؛ والتى أستغلها حتى قبل أن تبدأ فترته الثانية بأشهر ليصور نفسه للشعب الأمريكي على أنه القائد التاريخى الفذ والزعيم الملهم الذى يريد أن يجعل وطنه " شعبا وأرضا " أعلى قمة شعوب وأوطان الكرة الأرضية ؛ وفى سبيل ذلك فهو يعلم جيدا أنه يجب أن يعقد الأتفاقات التى أستطاعت أن ترسو به ثانية على شطئان البيت الأبيض ؛ وأولى هذه العقود والأتفاقات كانت مع المنظمات اليهودية واللوبى الصهيوني واللذان يسيطران على مجريات الأمور السياسية داخل الولايات المتحدة الأمريكية ؛ وقد وفت هذه المنظمات بوعودها وعهودها وجاء الدور على الطرف الثانى وهو " ترامب " ؛ الذى يقوم بدوره الآن من خلال تصريحاته العنصرية التى تنادى بتهجير أهل غزة وأفراغ القطاع من سكانه الأصليين ؛ وأصدار الأوامر إلى السلطات المصرية والأردنية بأستقبال أهالى غزة وسكانها فى لهجة المتغطرس الآمر الناهى الذى لا يرد له قرار ولا يراجع له أمر ؛ وإلا العقاب والويل لكل من لا يستجيب لطلباته وقراراته وأشهار سيف العقوبات الأقتصادية والتلويح بالضغوطات التى قد تواجه سلطات البلاد التى ترفض تلك اللهجة ؛ كالتلويح لمصر بما يسمى " سد النهضه الأثيوبي " أو التلويح بعدم الأعتراف بسلطة الرئيس المصري وأعتلائه السلطة من خلال أنقلاب عسكرى ... !!!
بل من المفارقات المضحكة اللاواعية والتى أن دلت تدل على هوية سمسار عقارات متسرع يخاف أن تطير منه تلك الصفقة التى عقدها مع اللوبى اليهودى هناك ؛ فقد قام هذا الرجل عند زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي للبيت الأبيض بأصدار تصريحات ضد " المحكمة الجنائية الدولية " التى أدانت " نتنياهو " وأصدرت عليه حكمها كمجرم حرب ومطلوب دوليا ؛ فقد أصدر " ترامب " قانونا لأعتقال قضاة المحكمة الدولية ومصادرة أملاك وحسابات من يمتلك أموالا أو أملاكا داخل الولايات المتحدة الأمريكية ؛ فى تصرف احمق أخرق شجبه معظم قادة وسياسى العالم ؛ ذلك التصرف الذى أظهر صورة ترامب كصورة جديدة في الفترة الثانية من ولايته لتصبح أقرب ما يكون من زعيم النازية " ادولف هتلر " ؛ على الرغم أنه فى فترته الأولى قد نعت رئيس الوزراء الإسرائيلي " نتنياهو " بالجبان ؛ حينما أبلغه بصدور القرار الأمريكي بأغتيال " قاسم سليماني " قائد فيلق القدس وخوف نتنياهو من المشاركة في تلك العملية العسكرية .
تلك التصريحات والقرارات التى يتخذها " ترامب " وعلى الأخص قراراته بشأن غزة وإلزام مصر والأردن بأستقبال وتهجير شعب غزة تؤخذ على أحتمالين :
الأول : هو التهديد ليعرف قوة خصومه ورد فعلهم المنتظر وسرعة أتخاذهم القرار ؛ ورد الفعل العربى وخاصة دول الخليج ؛ هل بالأنحياز إلى مصر والأردن وشعب غزة أم سيكون حياديا ؛ ومدى تأثير قراراتهم أن وجدت على الجانب الإسرائيلي والأمريكي والمنطقة .
ثانيا : هو التنفيذ ليفرض سياسة الأمر الواقع وهنا يجب على القيادة المصرية والأردنية أن تكون قراراتهم حاسمة وسريعة ولها جانب عسكرى على الأرض ؛ وهذا ما قامت به القيادة السياسية المصرية بالفعل حينما سرعت من نقل ونشر القوات والمعدات العسكرية في جميع أنحاء غزة ؛ كما هددت بنسف معاهدة السلام ؛ كما قامت الديبلوماسية المصرية بحسم التساؤلات الأمريكية والإسرائيلية علنا أننا فعلا نتحرك عسكريا ولدينا من القوة العسكرية ما يحفظ التوازن في الشرق الأوسط لأننا دولة كبيرة ولها ثقلها فى المنطقة ؛ كما تسائلت لما لم تحاسب إسرائيل على ما تمتلكه من أسلحة نووية غير قابلة للمحاسبة أو المراقبة .
من هنا رأينا تراجع في تصريحات ترامب أبرزها أنه لن يرسل جنودا أمريكيين إلى غزة ؛ كما أنه صرح منذ قليل أنه لم يطلب ترحيل أهل غزة لكنه دعى إلى تسهيل رغبة من يود الخروج من أهالى غزة إلى أى دولة وإلى أى وجهة كانت .
أما عن سد النهضة والبروتوكولات الإسرائيلية التى توقع هذه الأيام ؛ فنناشد القيادة السياسية المصرية أن نستعرض قوتنا العسكرية جنوبا وشمالا ونزيد من التقارب المصري الشرقى والمتمثل فى دول الشرق ك " الصين ... كوريا ... إيران " وعقد البروتوكولات السياسية والعسكرية والإقتصادية ؛ وأظهار مدى قوتنا الحقيقة كرد لرسائل الرئيس الأمريكي الحمقاء ؛ حان الوقت أن نتخلى عن الحكمة والرزانة الغير محمودة وقت الحروب .