كتب : وائل عباس
أقتربت الرواية على النهاية وآن الأوان ليسدل الستار عن العرض المسرحى للحرب الروسية الأوكرانية ؛ وكان لابد من فصل أخير لينهى ذلك العرض الطويل بعد أن أدى أهدافه :
فقد تم أرهاب قادة الدول الآوروبية وأبتزاز أقتصادهم ؛ وتم أختبار مدى قوة الآلة العسكرية الروسية وأنهاكها إلى حد ما ؛ وكشف الستار عن التحركات العسكرية الروسية المحتملة في حالة قيام حرب عالمية وبعض الأسلحة التى أعدت خلف المخازن المؤصدة ؛ كما تم فرض عقوبات أقتصادية على الأقتصاد الروسى وتم تجميد أرصدتهم ؛ تمت رؤية صوره واضحه من المشهد العالمى سواء الأعداء أو الأصدقاء وأشكال التحالفات العالمية وكيفية الرد فى حالة نشوب الحرب العالمية الثالثة ؛ كما تم تدمير اوكرانيا بعد وضعها فى موضع بالون الأختبار ؛ وهو ما تم سلفا مع العراق عند تحفيزه لغزو الكويت ثم التبرأ منه ؛ مما يؤكد ويعزز القول ( عريان هو من أستغطى بالولايات المتحدة الأمريكية )
وكان الفصل الأخير مضحكا إلى حد البكاء ؛ فقد خالف جميع الأعراف والتقاليد الديبلوماسية وقواعد الأتيكيت الدولية ؛ فقد تم نصب فخ محكم للرئيس الأوكراني داخل البيت الأبيض ظهرت بوادره منذ لحظة الأستقبال الأولى حتى دخول " زيلينيسكى" إلى رواق المكتب البيضاوي .
أن ما رأيناه أخيراً في لقاء الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب " والرئيس الأوكراني " فولوديمير زيلينسكي " يتنافى مع كل ما عهدناه من التقدير لرؤساء الدول والتعامل الندي بين القادة.
ورغم ذلك، أظهر " زيلينسكي " صلابة واعتزازاً بنفسه وبشعبه لم يساير ولم ينكسر ، بل واجه الموقف بكل قوة واحترم سيادة بلاده وكرامة شعبه .
فكل رئيس لا يمثل شخصه فقط ، بل يحمل مسؤولية شعبه بأكمله، ويمثل كيانه السياسي وسيادة بلاده . وحين يُعامل زعيم دولة كأنه مجرد تابع ، فهذه إهانة لا تخصه وحده بل تطال كرامة أمته ومكانتها .
أن ما حدث منذ ايام قليلة لهو دليلٌ واضح على أن أوروبا ستدرك أخيراً أنها لا تستطيع الإعتماد إلا على نفسها ، وأن عليها بناء استقلالها الأستراتيجي بعيداً عن الهيمنة الأمريكية؟ أن العالم يتغير والتبعية لم تعد خياراً .
أما بالنسبة لنا في الدول العربية فالعبرة واضحة :
لا أحد سيحمي مصالحنا إن لم نحميها بأنفسنا، ولا مستقبل لمن يعتمد على الآخرين أن السيادة تبدأ بالاستقلالية ، والكرامة تبدأ بالاعتماد على النفس .
أن من يقرأ التاريخ جيدا يجد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أزالت الأتحاد السوڤيتى بمساعدة عميل لها هو الرئيس الروسي السابق " ميخائيل جورباتشوڤ " ثم دعمت نقل السلطة من بعده إلى رئيس سكير هو " بوريس يلتسين " ؛ وهنا جاء رد الدولة الروسية العميقة من خلال تصعيد رجل مخابرات محب لبلاده أستطاع أن يعيد أمجاد روسيا العظمى ؛ وقد رد لهم الكيل بنفس المقدار وأستنتج لهم
" جورباتشوف " الولايات المتحدة الأمريكية وهو " دونالد ترامب " الذى جاء ليهدم ويغير ويصول ويجول ؛ ليفرق بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مما قد ينتج عنه قريبا تفكك الولايات المتحدة الأمريكية ومطالبة كل ولاية بأستقلال ذاتى .
ريمونتادا بين القوى العظمى ومباراة تجرى أحداثها على أراضى الغير ؛ فتارة على الأراضي الأوكرانية وتارة على الأراضي الفلسطينية .
أن " ترامبو المنتقم " لا يعرف الولاء إلا لنفسه وما يحققه من مكاسب مادية شخصية ؛ عقلية مطور عقارات لا يعرف إلا لغة الصفقات ؛ يصفى ويستبعد خصومه بحجة الفساد ؛ يصنع عداوات مع الحلفاء من خلال بلطجة ممنهجة أمام الكاميرات والأعلام المصطنع ؛ يحاول تغيير الدستور الأمريكي ليتمكن من فترة ولاية ثالثة ... !!!
أنه الصعود إلى الهاوية من خلال أفعال لا تليق بدولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية .
تلك مصيدة التسلل التى أعدت للرئيس الأوكراني " زيلينيسكى " ومن قبله العاهل الأردني الملك " عبدالله الثاني " قد أعدت للرئيس المصري " عبدالفتاح السيسي " والذى قرأ الأحداث سلفا من خلال عقليته المخابراتية والتى حالت بين وقوعه فى ذلك الفخ .
من هنا نستنتج أن الولايات المتحدة الأمريكية تسير عكس الأتجاه وتتخذ خطى متسارعة نحو السقوط والتهاوى السريع والتصادم مع قوى اقليمية ؛ قد تسبب ضررا مباشرا على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ؛ يصب في مصلحة التنين الصينى الذى يترقب احداث سقوط الولايات المتحدة الأمريكية عن كثب .