بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد يقول النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" رواه البيهقي، كما قال النبي صلي الله عليه وسلم في موضوع تسوية القبر عن دفن الجنازة " أما إن هذا لا ينفع الميت ولا يضره ولكن الله يحب من العامل إذا عمل أن يحسن" وهذا التوجيه النبوي الكريم بإتقان العمل حتى في تسوية القبر الذي لا ينفع الميت بشيء، ولكنه التوجيه التربوي الذي لا بد أن نجعله نصب أعيننا في كل عمل نقوم أو نكلف به.
فشريعتنا الإسلامية حثتنا على التمييز والإتقان في العمل وأمرتنا بالبعد عن الإهمال والتقصير، وأن عملنا معروض على الخالق سبحانه وتقدس، الذي قال في كتابه الكريم " وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلي عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" وقال شيخ الإسلام ابن كثير وغيره قال مجاهد هذا وعيد من الله تعالى للمخالفين أوامره، بأن أعمالهم ستعرض عليه، وعلى الرسول والمؤمنين، وهذا كائن لا محالة يوم القيامة، وقد يظهر ذلك للناس في الدنيا، والرؤية هنا شاملة للعلمية والبصرية، فعلينا أن نراقب الله في أعمالنا وفي كل شؤوننا وفي حال التزامنا بعمل يجب علينا القيام به على أكمل وجه يحبه الله ويحبه خلقه، وأن لا ندخل على عملنا عملا آخر قبل إتمام عملنا الحالي إلا بعد إتمامه.
أو لا يكون معارضا له، فإن تعارض الأعمال وازدواجيتها مآلها للسقوط والفشل ولا ينال من ذلك إلا التعب البدني، ولا يخفى على الجميع أن العمل بلا إتقان لا ينفع صاحبه ولا ينتفع به وهو مردود على صاحبه، ولنا في حديث المسيء صلاته نموذج عندما قال له النبي صلي الله عليه وسلم " ارجع فصلي فإنك لم تصلي " وكما أن الإتقان سمة إسلامية وكوننا مسلمون فنحن مطالبون بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو حياتي فأتقن عملا واحدا تتميز به أفضل من قيامك بأعمال عدة ظاهرة للجميع قد تصنفك في عداد الفاشلين، وأتقن العمل فإن الناقد بصير، وقال تعالى "ليبلوكم أيكم أحسن عملا" وقالوا هو أصوبه وأخلصه، وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"
وأن تعبد الله كأنك تراه هذا هو كمال الإتقان "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وأن تعلم قبل أن تعمل ذاك قمة الإتقان "فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك" وأن تراقب الله تعالي في سرك كعلانيتك فذلك هو الإخلاص في الإتقان، وأن تحرص على محاسبة نفسك بإستمرار فهذا هو الحرص على الإتقان "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا" وأن تأخذ بإسباب الإتقان وتبذل الجهد الصادق في ذلك هذا هو طريق الإتقان، فالله عز وجل قد وصف نفسه بالأتقان "صنع الله الذي أتقن كل شيء" وإن للسلف والخلف في أتقان العمل ما يجعلنا نتخذ منهم قدوة لنا في الحرص على مثل ما كانوا عليه من إتقان العمل وإخلاصه لله عز وجل فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول يتعاهد إمرأة عمياء يكنس بيتها.
ويعد طعامها ويصلح من أمرها وهي لا تعلم من هو؟ وهذا عمر ابن الخطاب فاروق هذه الأمة رضي الله عنه يحمل الطعام إلى إمرأة وأطفالها في ناحية من المدينة أصابهم من الجوع ما أصابهم فلما شبعت وأطفالها قالت له يرحمك الله كنت أولى بهذا الأمر من عمر وهي تقصد الخلافة وهي لا تعلم أنه عمر رضي الله عنه، وتلك الفتاة تقول لأمها "إن كان عمر لا يرانا فرب عمر يرانا".